الخميس، 22 سبتمبر 2016

حقوق الأخوة في #الإسلام

3067

بسم الله الرحمن الرحيم
من حقوق الأخوة في الإسلام، الوفاء و الإخلاص :
الوفاء الثبات على الحبِّ وإدامته إلى الموت وبعد الموت مع الأولاد والأصدقاء، وإنما الحب بين الأخوين في الله إنما يُراد للآخرة وليس للدنيا .
من آثار الوفاء :
1 ـ ألا يتغير حال الأخ مع أخيه في التواضع وإن ارتفع شأنه :
من الوفاء ألا يتغيَّر حال الأخ مع أخيه في التواضع وإن ارتفع شأنه. فالإنسان في الدنيا قد ينتقل من مكانٍ إلى آخر، من منصب إلى آخر، من عمل إلى آخر، فإذا ارتفع شأنه فمن باب الوفاء مع إخوانه في الله ألا يبتعد عنهم، وألا يزوَّرَّ عنهم، وألا يرى نفسه فوقهم، فمن صفات الكرماء المؤمنين أنه هو هو مع إخوانه، ومن صفات المنقطعين عن الله عزَّ وجل أنه إذا ارتفعت مكانته نسي إخوانه .
فالتَرَفُّع عن الإخوان بما يتجدَّد من الأحوال لؤمٌ، أي أن أحد أنواع اللؤم أن تترفَّع عن إخوانك إذا عَلَت منزلتك، سيدنا رسول الله صلى الله عليه و سلم حينما فَتَحَ مكَّة، ودانت له الجزيرة العربيَّة بأكملها، وخضعت له القبائل، وصار قمَّة هذا المجتمع الجديد، خشي الأنصار رضوان الله عليهم أن يؤثر النبي عليه الصلاة والسلام البقاء في مكَّة بلده، فلمَّا أعلنوا عن قلقهم قال :
إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ فَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ، قَالَ : فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ : وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِي قُلْنَا إِلا الضِّنَّ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَإِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذُرَانِكُمْ
[أحمد عن أَبُي هُرَيْرَة]
لو سلك الناس فجَّاً وسلكت الأنصار فجَّاً لسلكت فَجَّ الأنصار، اللهمَّ ارحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناءِ الأنصار
هذا هو الوفاء، لمَّا وصل النبي الكريم إلى مكَّة فاتحاً تنازع أصحابه في أي بيتٍ سيبيت فقال :
انصبوا لي خيمةً عند قبر خديجة
وفاءً لهذه الزوجة التي صَدَّقته حين كذَّبه الناس، وقامت معه لمَّا قعدوا، وواسته بمالها، وحدبت عليه بعطفها، وأيَّدته وآمنت به، وكان وحده، قال :
انصبوا لي خيمةً عند قبر خديجة
فيكاد يكون الوفاء خُلُقَ المؤمن الأول، الوفاء لإخوانه، لمن كانوا معه ساعة العسرة، لمن كانوا معه في ساعة الشدَّة، ولا يتكبَّر على أخٍ إذا عَلَت منزلته إلا لئيم، قال الشاعر:
إن الكرام إذا ما أيسروا ذكروا من كان يألفهم في المنزل الخشن
وهذا الذي يتزوَّج امرأةً وتصبر عليه، فإذا أغناه الله بَحَثَ عن أُخرى، هذا والله عين اللؤم، رضيت بكَ حينما كنت فقيراً فلمَّا اغتنيت لم ترض بها؟! قد يلقى الله وهو عليه غضبان .
وأوصى بعض السَلَف ابنه فقال:
يا بني لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قَرُبَ منك، وإذا استغنيت عنه لم يطمع فيك، وإن عَلَت مرتبته لم يرتفع عليك
وقال بعض الحكماء :
إذا ولي أخوك ولايةً فَثَبَتَ على نصف مودَّته لك فهو كثير
هذه أول نقطة، أي أن من الوفاء إذا ارتفعت أنت ألا تنسى أخاك الذي كان في أيَّام ضيقك وفقرك .
2 ـ ألا توافق أخاك على شيءٍ لا يرضي الله :
النقطة الثانية : واعلم أنه ليس من الوفاء أن توافق أخاك فيما يخالف الحق في أمرٍ يتعلَّق بالدين، ليس من الوفاء أن تسكُت عن معصيته، ليس من الوفاء أن توافقه على معصية، ليس من الوفاء أن تعرف أن دخله حرام فلا تنصحه، ليس من الوفاء إذا ضَيَّع فرض صلاةٍ أن تسكت عنه، هذه خيانة، من وفائك لأخيك المؤمن أنه إذا انحرف أو أخطأ أو قَصَّر أن تنبِّهه وأن تُذَكِّره من دون أن يكون هذا أمام ملأ من الناس لأن في هذا تشهيراً وليس في هذا نصيحةً .
بل من الوفاء له المخالفة، فالشافعي رضي الله عنه آخى محمَّد بن عبد الحكم وكان يقرِّبه ويقبل عليه، ويقول :
ما يقيمني بمصر غيره
فاعتلَّ محمدُ، فعاده الشافعي رضي الله عنه فقال :
مرض الحبيب فعدته فمرضت من حذري عليه
وأتى الحبيبُ يعودني فبرئــــــــــت من نظري إليه
أي شفيته، ظنَّ الناس لصدق هذه المودَّة وتمامها أنه يفوِّض أمر حلقته إليه بعد وفاته، لما بينهما من مودَّة، فقيل للشافعي في عِلَّته التي مات فيها : إلى من نجلس بعدكَ يا أبا عبد الله؟ أي من خليفتك؟ فاستشرف أبو محمد، محمد بن عبد الحكم، استشرف أي ارتفع، وبَيَّن وظهر أمام تلامذة الشافعي، وهو عند رأسه ليومئ إليه، فقال الشافعي :
سبحان الله أَيُشَكُّ في هذا؟ أبو يعقوب البويطي
كانت كالقنبلة، مفاجأةٌ كبيرة، كل الناس يظنُّون أنه سَيُخَلِّفُ من بعده محمد بن عبد الحكم، فانكسر لها محمد، ومال أصحابه إلى البويطي، مع أن محمداً كان قد حمل عنه مذهبه كله، لكن هذا الذي خَلَّفه من بعده كان أقرب إلى الزُهد والورع، فنصح الشافعي لله وللمسلمين وترك المداهنة، ولم يؤثِّر رضا الخلق على رضا الحق، فلمَّا توفي انقلب محمد بن عبد الحكم عن مذهبه ورجع إلى مذهب أبيه، ودرس كتب مالكٍ رحمه الله .
هذه النصيحة، أي من تمام الوفاء ألا توافق أخاك على شيءٍ لا يرضي الله أبداً، المقصود من هذا أن الوفاء بالمحبَّة من تمامها النصح لله تعالى .
قال الأحنف:
الإخاء جوهرةٌ رقيقة إن لم تحرسها كانت معرَّضةً للآفات، فاحرسها بالكظم حتَّى تعتذر إلى من ظلمك، وبالرضا حتَّى لا تستكثر من نفسك الفَضلَ، ولا من أخيك التقصير
أي أن الأخوَّة جوهرة رقيقة، سريعة العطب، احفظها من أن تنكسر بالانتقاد، أو بالشعور بأنك ممتنٌّ عليه، أو بإحساسك أن أخاك مقصِّر في حقِّك، أو أنه إذا أساء إليك اعتذر عنه حفاظاً على هذه الجوهرة .
3 ـ أن تكون شديد الجزع من المفارقة :
ومن آثار الوفاء بل من آثار تمام الوفاء أن تكون شديد الجزع من المفارقة، نفور الطبع عن أسبابها، كما قيل :
وجدت مصيبات الزمان جميعها سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
فرقة الأحباب من أشدُّ أنواع المصائب في الدنيا .
قال ابن عُيينة :
” لقد عهدت أقواماً فارقتهم منذ ثلاثين سنةً ما يُخَيَّلُ إلي أن حسرتهم ذهبت من قلبي “
الأخ الراقي، الأخ الوفي، المؤمن، الصادق، المحب، المتواضع، هذا إذا فارقك فإن حسرةً سوف تلسع القلب .
4 ـ ألا تستمع إلى أقوال الناس في صديقك :
من الوفاء أيضاً ألا تستمع إلى أقوال الناس في صديقك، لاسيما من يُظْهِرُ أولاً أنه محب، فالناس يفسدون هذه العلاقات على الشكل التالي: يقول لك من أصدقاؤك؟ تقول له: فلان صديقي، والله إنسان طيِّب، والله أحسنت الاختيار، نِعم هذا الصديق، حينما يمدحه لك تسَر، تستأنس، يقول لك: فعلاً صديق جيد، وفي، أخلاقه عالية، سبحان الله لكن من يومين وجدت له موقفاً أحزنني، سبحان الله وجدت له موقفاً ما كنت أصدِّقه عنه، تقول له: غير معقول، ماذا فعل؟ يقول لك بعض عيوبه، هذا اسمه فخ، حينما أثنى عليه من أجل أن تصغي إليه، لو بدأ بهذه المنقصة لما استمعت إليه، من أجل أن يضمن أن تستمع إليه بدأ بالثناء، وثنىَّ بالنقد، فمن تمام الوفاء لصديقك ألا تستمع إلى أقوال الناس فيه .
فذلك من دقائق الحيل في التضريب ومن لم يحترز منه لم تدم مودته أصلاً .
قال بعضهم : جاء رجل إلى حكيم فقال :
قد جئتك خاطباً لمودتك؟
قال :
إن جعلت مهرها ثلاثاً فعلت – مودَّتي لها مهر –
قال :
ما مهرها؟
قال :
ألا تسمع عليّ بلاغةً، ولا تخالفني في أمر، ولا تغُشَّني في نصيحة
لا تستمع علي شيئاً، ولا تخالفني في أمر، ولا تغشَّني في نصيحة .
5 ـ ألا تصادق عدوَّ صديقك :
من الوفاء ألا تصادق عدوَّ صديقك، لك عدوٌ لدود، يتكَّلم عنك أشياء غير صحيحة، يلفِّق عليك، صديقك المُحِب الوفي يصادقه، سيدنا عليٌّ رضي الله عنه قال:
أصدقاؤك ثلاثة : صديقك، وصديق صديقك، وعدوِّ عدوِّك، وأعداؤك ثلاثة : عدوُّك، وصديق عدوِّك، وعدوُّ صديقك
فالإنسان ليس له حق أن يصاحب عدو صديقه لأن هذا من عدم الوفاء.
6- التخفيف وترك التكلُّف والتكليف :
ذلك بألا يكلِّف أخاه ما يَشُقُّ عليه، نحن غداً إن شاء الله سنأتي لنتغدَّى عندك، سمِّكها، ما هذا؟ هذا تكليف، الإنسان بين عُسر ويُسر، بين ضيق وتوسعة، قد يكون غير مشغول، قد تكون امرأته مريضة، قد يكون في بيته مشكلة، قد يكون ميسور الحال، أخي فلان الله عزَّ وجل ميسِّر أموره، صحيح لكن قد يكون عنده في البيت مرض، زوجته قعيدة الفراش، من يطبخ؟ قد يكون في مشكلة، فأحياناً في البيت تجد مشكلات، ابنته مخطوبة والخطيب لم يظهر، يا ترى وافقوا أم لم يوافقوا؟ هناك تشويش في هذا البيت، أخي غداً الغداء عندك، سمِّكها، التخفيف وترك التكلُّف والتكليف .
بالعكس يجب أن تخفِّف عنه، يجب ألا تحمِّله عبئاً، يجب ألا تستمدَّ من ماله ولا من جاهه، يجب ألا تكلِّفه التواضع لك، والتفقُّد لأحوالك، والقيام بحقوقك، لا تكلِّفه، أخي أنا أليس لي حق عليك؟ اعزمنا؟ أنت تكلِّفه بما لك عليه من حق، أنا ألم أعمل لك عزيمتين سابقاً؟ يظهر أن هذا لم يبين معك؟ هذا تكليف، يجب أن تحبَّه لله تعالى فقط، كلَّما كان إيمانك أرقى كانت مؤونَتُك أخف، لو عملت له ثلاثين عزيمة لا تطالبه بأية بعزيمة، لو خادمه مليون خدمة، ألم تخدمه لله؟ انتهى الأمر . .
اصنع المعروف مع أهله ومع غير أهله، فإن أصبت أهلَه أصبت أهلَه وإن لم تصب أهله فانت أهلُه
[ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وعزاه إلى الخطيب في تاريخه]
أنت ألم أهدك هديَّة قديماً بمناسبة زواجك؟ أنا جاء لي مولود ولم تهدني يا أخي، أنت هكذا تطالبه بحقوق وقد يكون هو في عسر، قد لا يملك ثمن الهديَّة .
فملخَّص الكلام أنه إذا كان لك أخٌ في الله يجب أن تخدمه لله، من دون أن تنتظر أن يردَّ عليك بخدمةٍ مشابهة، يجب ألا تستغل مودَّته بأخذ ماله، ولا استعارة جاهه، ولا أن تكلِّفه ما لا يطيق، ولا أن تكلِّفه أن يتفقَّد أحوالك، ولا أن يفي بحقوقك، هذا كلُّه من ضَعْفِ الإيمان، أنا ذاهب إلى المكان الفلاني هل تريد شيئاً؟ نعم والله انتظر قليلاً عندي قائمة، أعطاه قائمة تحتاج إلى خمس ساعات، هذا أخونا ذاهب إلى محل يمكن أن يكون معه بضاعة، أنت بهذا كلَّفته شيئاً فوق طاقته، قل له: والله ممنون جداً، شكراً، لا تكلِّف، يكون الإنسان ذاهباً إلى مشوار يجد التكاليف صارت فوق طاقته، تحتاج إلى وقت عشر ساعات وهو ذاهب ليوم واحد، صار الحجم غير مقبول، إنسان مسافر إلى بلد فأعطوه أغراضاً تحتاج إلى حقيبتين، هو له عشرون كيلو، والدفع بالعملة الصعبة، هذا غير معقول، لا تُكَلِّف أحداً فوق طاقته .
أمَّا لك أن تُكَلِّفه أن يدعو لك فهذه مقبولة، لك أن تكلِّفَه أن يدعو لك، لك أن تستأنس بلقائه، لك أن تستعين به على أمر دينك، أخي ادع لنا، هذا من حقِّ الأخوَّة، والله أنا آنس بك لو تزورني، تدعوه لزيارتك، أو زره، أو استعن به على أمر دينك، هذا مباح .
تقرَّب إلى الله بخدمته، تقرَّب إلى الله بأداء حقوقه، تقرَّب إلى الله بتحمُّل مؤونته، هذا هو الأخ في الله، قال بعضهم :
من اقتضى من إخوانه ما لا يقتضونه فقد ظلمهم
لك محل وله محل، زرته في محلَّه اشتريت حاجة فقال لك : ليست بحاجة، ليس لها قيمة خذها، الثاني لم يزرك في محلَّك ولم يأخذ شيئاً أبداً دون مقابل، إذاً أنت اقتضيت منهم ما لا يقتضونه منك، ليس هذا من أخلاق المؤمن . .
من اقتضى من إخوانه ما لا يقتضونه فقد ظلمهم، ومن اقتضى منهم مثل ما يقتضونه فقد أتعبهم
أنت خدمته خدمة، بعد أسبوعين كلَّفته بخدمة مشابهة، أتعبته، إذاً صارت هذه عمليِّة دين ووفاء، لم تفعل هذا لله . .
من اقتضى من إخوانه ما لا يقتضونه فقد ظلمهم، ومن اقتضى منهم مثل ما يقتضونه فقد أتعبهم، ومن لم يقتض فهو المتفضِّل عليهم
اخدمهم وإذا كان بالإمكان ألا تطالبهم بشيء فافعل، فقد تفضَّل عليهم، وقال بعض الحكماء :
من جعل نفسه عند الإخوان فوق قدره أثِمَ وأثِموا
7- من جعل نفسه عند إخوانه فوق قدره أثِمَ وأثِموا :
نبينا صلى الله عليه و سلم هل في الأرض من هو أرقى منه؟ هل في الأرض من هو أكمل منه؟ من هو أقرب إلى الله منه؟ من هو أعظم منه؟ لا، كان مع أصحابه، أرادوا أن يذبحوا شاةً ليأكلوها، قال أحدهم :
عليَّ ذبحها
قال الثاني :
عليَّ سلخها
قال الثالث:
عليَّ طبخها
فقال عليه الصلاة والسلام :
وعليَّ جمع الحطب
يا رسول الله نكفيك ذلك، قال :
لا، إن الله يكره أن يرى عبده متميِّزاً على أقرانه
يكون الإنسان تافهاً يذهب نزهة مع إخوانه فيقول لهم : أنا تعبان أريد أن أرتاح، يشترون الأكل، ويطبخون، ويقدِّمون الطعام، تفضَّل، يستيقظ ويأكل نعرف أنك تعبان!! يأكل وينسحب كأنه غير مكلَّف بشيء، هناك أناس مكلَّفون بالخدمة، وبغسيل الأطباق، ليس هذا من أخلاق المؤمن، إذا كان النبي عليه الصلاة والسلام سيِّد الخلق وحبيب الحق قال :
إن الله يكره أن يرى عبده متميِّزاً على أقرانه
سيدنا الصديق رضي الله عنه وقع زمام ناقته وأصحابه حوله، فنزل من على ناقته ليلتقط الزِمام، تعجب أصحابه، يا خليفة رسول الله نكفيك ذلك؟ قال:
لا، سمعت حبيبي رسول الله يقول :
لا تسألوا الناس شيئاً
فأحياناً الإنسان يكون مريضاً، قعيد الفراش، إذا كلَّف أخوه بحاجة هذا شيء مشروع، أما ما دام بقوَّته، اقض حاجتك بيدك فهذا شكر قوَّتك . .
من أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق
[أخرجه الطبراني في الصغير عن أبي هريرة]
برئ من الشح من أدى زكاة ماله
[أخرجه الطبراني عن جابر بن عبد الله]
وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده
[رواه القضاعي والديلمي عن جابر مرفوعاً وهو عند ابن لال عن أبي أمامة. وفي لفظ بضاعته بدل سلعته]
سيدنا رسول الله في معركة بدر عندماً وجد الرواحل قليلة قال :
كل ثلاثة على راحلة، وأنا وعليٌ وأبو لبابة على راحلة
ركب النبي على راحلته، انتهت نوبته في الركوب، جاء دور عليّ وأبي لبابة فتوسَّلا إليه أن يبقى راكباً، قال:
لا
قدم رسول الله لعدي بن حاتم الطائي وسادة من أدمٍ محشوَّةً ليفاً، قال لعدي :
اجلس عليها
قلت:
بل أنت
قال:
بل أنت
قال:
فجلست عليها وجلس هو على الأرض
هذه النبوَّة .
من جعل نفسه عند إخوانه فوق قدره أثِمَ وأثِموا . . أثمَ لأنه رفع نفسه فوقهم، وأثِموا لأنهم لم ينصحوه، أوهموه أنه هو بهذا المستوى، ما دام إخوان من نفس المستوى فليقولوا له : قم عاونا، إذا سكتوا معنى هذا أنه أعلى مستوى، أوهموه . . أثِمَ وأثِموا، ومن جعل نفسه في قدره تعب وأتعبهم، ومن جعلها دون قدره سَلِمَ وسلِموا .
8 – من تمام التخفيف طيُّ بساط التكليف :
وتمام التخفيف طيُّ بساط التكليف، حتَّى لا يُستحيا منه، قال الجنيد :
ما تواخى اثنان في الله فاستوحش أحدهما من صاحبه أو احتسم إلا لعلَّةٍ في أحدهما
أبشع عادة بالأسر مثلاً يدخل الصهر إلى بيت عمِّه يرحِّبون به، يحترمونه، يدلِّلونه كذلك هو يتأدَّب معهم، يذهب إلى البيت فيقول لزوجته : كان الجبن مالحاً زيادة، والزيتون كان قليلاً في الصحن، والبيض كان مقلياً بسمن نباتي و ليس بالسمن البلدي، ينتقد هذا الطعام لزوجته، تخجل، تعاتب أمها، يظهر التكلَّف، معنى هذا أنه ينتقد، معنى هذا أنه يراقبنا مراقبة دقيقة جداً، يصير هناك جفاء، إذا كنت بطلاً لا توجد حالتين بل حالة واحدة، هناك تكلُّف لا تزرهم، تحبُّهم ارفع التكلُّف، هكذا المؤمن، انتقاد، تكون الزوجة مسكينة فتتحطَّم، زوجها ينتقد أهلها، تدافع عن أهلها يقول لها : لا تدافعي، ألم أقل لكِ أن أهلك لا يوجد بهم ذوق، شيء يحيِّر، إن سكتت لا يسكت، وإن دافعت يمنعها من المدافعة، هذه كلها أخلاق الجهل، أخلاق الجاهليَّة . .
إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها ويكره سفسافها
[أخرجه الطبراني عن حسين بن علي]
والله الذي لا إله إلا هو لا يتعلَّق بالسفاسف مؤمن، هذه سفاسف .
أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام تمرةٌ كانت تَسُدُّ رمقهما، وضع لك العشاء، فمعنى هذا أنك غال عليه، هذا الذي عنده، كأن هناك فواكه لم يضعوها لي، في البراد أنا رأيتهم، فتحت لأحضر الماء فرأيتهم في البراد، ما هذا الصهر؟
ما تواخى اثنان في الله فاستوحش أحدهما من صاحبه أو احتسم إلا لعلَّةٍ في أحدهما
والحمد الله رب العالمين
منقول عن:
الفقه الإسلامي – موضوعات متفرقة – الدرس 26 : حقوق الأخوة في الإسلام .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1986-09-07 | المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق