الأحد، 31 يوليو 2016

لقطات من حياة النبي الكريم


بسم الله الرحمن الرحيم
لقطات من حياة النبي الكريم :
أخواننا الكرام، النبي الكريم له مواقف تحير العقول، الأنصار بعد غزوة حنين، وجدوا على أنفسهم تجاه النبي الكريم، من قسمته للغنائم، الآن اسمعوا هذه اللقطة من حياته: جمع الأنصار وقال: مقالة بلغتني عنكم، جاءه سعد بن عبادة، قال:
يا رسول الله، إن قومي وجدوا عليك في أنفسهم – هم حزنوا في توزيع هذا الفيء-
قال:
أين أنت منهم يا سعد؟
قال:
ما أنا إلا من قومي،
قال:
اجمع لي قومك
فجمعهم،
قال:
يا معشر الأنصار مقالة بلغتني عنكم، وجدة وجدتموها عليّ في أنفسكم، من أجل لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم
يا معشر الأنصار، أما ترضون أن يذهب الناس بالشاة والبعير، وترجعون أنتم برسول الله إلى رحالكم؟
أما الشيء الثاني فعجيب: يا معشر الأنصار، أما إنكم لو شئتم لقلتم فَلصدقتم وصدِّقتم،- لو قلتم هذا الكلام فالكلام صح، وأنتم صادقون- أتيتنا مكذباً فصدقناك، وطريداً فآويناك، وعائلاً فأغنيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة من الدنيا تألفت بها قوماً ليسلموا، ووكلتكم إلى إسلامكم، فبكوا حتى أخضلوا لحاهم، وقالوا: رضينا برسول الله قسماً، وحسماً.
هذه من حنكته، من سياسته، من رحمته، من وفائه، لو أنك كلفت بطبع هذه القصة من سيرته، فهذا موقف النبي عليه الصلاة والسلام.
حينما فتح مكة المكرمة، دعاه سادتها ليبيت عندهم،
قال:
انصبوا لي خيمة عند قبر خديجة
ونام إلى جانب قبرها ليعلم العالم كله أن هذه المرأة التي في القبر شريكته في النصر، بل ركز لواء النصر أمام قبرها.
imgأحياناً تضيق الأمور ويقترب الناس من اليأس، ولنتعلم من تفاؤل النبي الكريم، في أثناء الهجرة تبعه سراقة، ليأخذه، أو ليقتله، ويأخذ مئة ناقة، مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً.
صدقوا أيها الأخوة، نقرأ هذه الفقرة من السيرة شيء لا يصدق، النبي الكريم مهدور دمه، ملاحق، والجائزة مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً، يقول له النبي الكريم:


يا سراقة، ما قولك إذا لبست سواري كسرى؟
سواري كسرى! ملك الفرس، الدولة الأولى في العالم، أقوى دولة في العالم، والذي حصل أنه جاءت كنوز كسرى في عهد عمر، وقال:
أين سراقة؟
وجاء سراقة وألبسه سواري كسرى، وقال بعضهم:
أُعيرابي من بني مدلج يلبس سواري كسرى؟!.
تفاؤل، الله عز وجل لا يتخلى عنا جميعاً، التفاؤل جزء من الإيمان، لما خرج إلى الطائف، وفي الطائف كذبه أهلها، وسخروا منه، بل أغروا صبيانهم ليضربوه، وضربوه وسال الدم من قدميه الشريفتين، جاءه ملك الجبال، قال:
يا محمد، أمرني ربي أن أكون طوع إرادتك، لو شئت لأطبقت عليهم الأخشبين
فقال:
لا يا أخي، اللهم اهدِ قومي فإنهم لا يعلمون، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده
هذا الكمال، كمال النبوة.
أيها الأخوة الكرام، حينما عاد من الطائف ولم يؤمن به قومه، بل سخروا منه، بل كذبوه، بل أغروا صبيانهم بضربه، الآن سأله مرافقه سيدنا زيد، قال: يا رسول الله أتعود إلى مكة وقد أخرجوك؟.
إذا ضاقت بنا الأمور في حياتنا الدنيا السيرة منهج لنا.
فقال هذه المقولة الرائعة، قال:
إن الله ناصر نبيه
والحمد الله رب العالمين
منقول عن:
محاضرات وندوات خارجية – أستراليا – الرحلة3 – المحاضرة ( 20 – 25 ) : ذكرى المولد – أخلاقه وشمائله ومواقفه.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2012-02-06 | المصدر

رسول الله لا ينطق إلا بالحق



3038

بسم الله الرحمن الرحيم
رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينطق إلا بالحق :
قيل لرسول الله أفضل الصلاة والسلام عليه : ” يا رسول الله إنَّك بشر، وإنَّك تغضب، فإذا غضبْت أفنكْتُب عنك؟
أي هناك ساعات غضب أفنكتب عنك هذا الغضب؟ لأنَّه ممكن أن يكون هناك خطأ
فأمْسك عليه الصلاة والسلام بِفَمه الشريف وقال:
والذي بعث محمدًّا بالحق، إنّ هذا الفم لا ينطق إلا بالحق
فالإنسان عندما يوقن أنَّ هذا الكلام وحيٌ يوحى إلى رسول الله وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى، أي قاعدة من الله عز وجل، فإذا أخذ بها سعد، وإذا تركها شقي، وسيّدنا سعد بن معاذ كان يقول :
ثلاثةٌ أنا فيهنّ رجل، وفيما سوى ذلك فأنا واحدٌ من الناس ما سمعتُ حديثًا من رسول الله إلا علمت أنَّه حقّ من الله تعالى
فمثلاً :
الأمانة تجلب الرزق، والخيانة تجلب الفقر
[الديلمي عن جابر]
أنا سمعتُ آلاف القصص عن شخص أُتيح له أن يسرق فسرَق، وهو يظنّ أنَّه بهذه السرقة سوف يغتني، ولو قرأ هذا الحديث، وتيقَّن منه، لعلم أنَّ الخيانة طريق الفقر، وضع ابنه عند صديقه في المحل التِّجاري، هذا الابن وجد الغلّة كثيرة، كلّ يوم يأخذ ألف ليرة ويخبّئها، على عدَّة أسابيع أصبح معه تسعون ألف ليرة، خبَّأهم بعلبة نحاس بِمَحلّ بالبيت، وجاءته سفرة، ووصَّى زوجته أن تنظِّم البيت تنظيمًا جيِّدًا، فوجدت عِدَّة أشياء لا قيمة لها فرمَتها، ورمَت معهم التسعين ألفًا‍! لو علم هذا الابن أنَّ الأمانة تجلب الغنى، والخيانة تجلب الفقر ما فعل هذا، وهذه أحاديث مصيريّة، وما منَّا واحد إلا وله أعمال، أحيانًا الإنسان يكون تحت يده مال، ولا توجد قوَّة تكشفه، وأحيانًا يضع مصروفًا، يضعهم ثلاثينات، ضعهم ستِّين، الحمد أنَّه لم يحاسبْك، الله المحاسب، والخيانة تجلب الفقر، لو تتبَّعت مليون قصَّة كلّ إنسان خان لا بدّ أن يفتقر، الذين أكرمهم الله تعالى بالحياة الدنيا أُمناء يملكون ثرْوةً طائلة هي ثقة الناس بهم، ثقة الناس بك ثرْوَة لا تُقدَّر بِثَمَن :
الأمانة تجلب الرزق، والخيانة تجلب الفقر
[الديلمي عن جابر]
والأمانة ليس لها وَضع نسبي، إذا كان عندك مستودع للوقود، وسألوك هل هو محكم؟ فلا تقل وسط ! ما معنى وسط؟ إما أن يكون محكمًا أو غير محكَمٍ، المحكم أن تملأ ألف لتر فيبقى ألف لتر، أما إذا كان غير محكم فيمكن أن يرشح منه بشهر أو شهرين أو سنة وأحيانًا بأسبوع، إذا كان بِقَعْره فتحة كبيرة، بخمس دقائق يفرغ، فالخيانة نسبيَّة أما الأمانة فمطلقة، الأمانة إذا أراد أن يضع الإنسان عظمة في فمه في غير دكانه لا يستطيع.
الأمانة غنى :
حديث آخر ، يقول عليه الصلاة والسلام :
الأمانة غنى
[الجامع الصغير عن أنس]
الأمانة طريق الغنى الحديث له علاقة بالأوّل، من منَّا لا يحب أن يكون في بحبوحة؟ إذا قال : لا ! يكون كلامه غير صحيح، إذا الإنسان ميسور الحال، ومعه قوت يومه، لذَّ شيئًا فاشتراه، بذلة اشتراها، لباسه أنيق، وبيته مريح، هذا شيء مطلق طبيعي وشرعي، هذا غير ملام فيه، أنت طريقك الأمانة فيا أيّها الشباب هذا الطريق طريقه الأمانة، بعملك كُنْ أمينًا، لا تحدِّثْك نفسكَ أن تأخذ قرشًا غير شرعي، إذا شعر من أنت عنده بهذه الأمانة، وهذا النقاء يمحضك ثقته، ثمّ يعطيك من الأرباح نسبة، ثمّ يُشاركك، ثمَّ يُزوِّجك ابنته، يقول : لن أجد مثل هذا ! سببها الأمانة، وأنا أعرف أناسًا بالأمانة بلغوا أعظم مرتبة، وبالخيانة ينفض كما ينفض الفأر الميّت !! هذا لا نريده، يمكن أن يكون قد أخذ ليرة ! فتح الدرج وأخذ ليرة فانتهى، وسقطت عدالته، فالذي يريد أن يزداد بحبوحة ويكون رزقه وفيرًا، ولا يكون متضايقًا فلْيَكن أمينًا إلى أبْعد الحدود .
والحمد الله رب العالمين
منقول عن:
الفقه الإسلامي – موضوعات متفرقة – الدرس 06 : فسخ العقد إما بسبب أساسي أو بسبب طارئ .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1984-10-07 | المصدر

الأربعاء، 27 يوليو 2016

آداب #النبي_محمد العامة #أخلاق_النبي


3040


بسم الله الرحمن الرحيم
1 ـ وقاره العظيم :
من آدابه العامة صلى الله عليه وسلم وقاره العظيم، كان عليه الصلاة والسلام أشد الناس وقاراً، وأعظمهم أدباً، وأرفعهم فخامةً وكرماً،
روى أبو داود مراسيله قال : أوقر الناس في مجلسه لا يكاد يخرج شيئاً من أطرافه .
عن حَفْصَةُ ابْنَةُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَتْ:
كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ قَدْ وَضَعَ ثَوْبَهُ بَيْنَ فَخِذَيْهِ فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ وَهُوَ عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ عُمَرُ بِمِثْلِ هَذِهِ الْقِصَّةِ ثُمَّ عَلِيٌّ ثُمَّ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَيْئَتِهِ ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَأَخَذَ ثَوْبَهُ فَتَجَلَّلَهُ فَتَحَدَّثُوا ثُمَّ خَرَجُوا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وَسَائِرُ أَصْحَابِكَ وَأَنْتَ عَلَى هَيْئَتِكَ فَلَمَّا جَاءَ عُثْمَانُ تَجَلَّلْتَ بِثَوْبِكَ فَقَالَ أَلا أَسْتَحْيِي مِمَّنْ تَسْتَحْيِي مِنْهُ الْمَلائِكَةُ
[الترمذي عن حَفْصَةُ]
2 ـ يقدم كبير القوم في الكلام :
وكان عليه الصلاة والسلام يقدم كبير القوم في الكلام وذلك من باب التكريم، وحفظ المراتب، وتنويل الناس منازلهم .
عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ زَعَمَ أَنَّ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ سَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَفَرًا مِنْ قَوْمِهِ انْطَلَقُوا إِلَى خَيْبَرَ فَتَفَرَّقُوا فِيهَا وَوَجَدُوا أَحَدَهُمْ قَتِيلاً وَقَالُوا لِلَّذِي وُجِدَ فِيهِمْ قَدْ قَتَلْتُمْ صَاحِبَنَا قَالُوا مَا قَتَلْنَا وَلا عَلِمْنَا قَاتِلاً فَانْطَلَقُوا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ انْطَلَقْنَا إِلَى خَيْبَرَ فَوَجَدْنَا أَحَدَنَا قَتِيلاً فَقَالَ: الْكُبْرَ الْكُبْرَ فَقَالَ لَهُمْ تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ قَالُوا مَا لَنَا بَيِّنَةٌ قَالَ فَيَحْلِفُونَ قَالُوا لا نَرْضَى بِأَيْمَانِ الْيَهُودِ فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبْطِلَ دَمَهُ فَوَدَاهُ مِائَةً مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ
[مسلم عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ]
أي ليتكلم أكبركم، كان يعرف لكل إنسان مكانته، إلا أنه مرة دخل على سيدنا عمر بن عبد العزيز وفد الحجازيين يتقدمهم غلام فغضب، وقال:
اجلس أنت أيها الغلام وليقم من هو أكبر منك سناً
فقال :
أصلح الله الأمير المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا وهب الله العبد لساناً لافظاً وقلباً حافظاً فقد استحق الكلام، ولو أن الأمر كما تقول لكان في الأمة من هو أحق منك بهذا المجلس
سرّ عمر من هذه الإجابة، فالنبي الكريم وهذه سنته المطهرة كان يعرف لكل إنسان مكانته، كان يقول:
لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا، وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا
[الترمذي عَنْ أَنَسِ]
3 ـ تكريمه لأهل الفضل :
وأما تكريمه أهل الفضل فقال عليه الصلاة والسلام :
البركة مع أكابركم
[البخاري عن ابن عباس]
أي بالعصر الذي زعزعت مكانة الكبراء ضاع الناس، الناس بأكابرهم، يقول عليه الصلاة والسلام:
لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ
[أحمد عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ]
أدب النبي مع عمه العباس و أدب العباس مع رسول الله :
الآن استمعوا أيها الأخوة إلى سيدنا رسول الله كيف عامل عمه العباس، هو رسول الله:
روى الطبراني بسند حسن عن ابن عباس عن أمه أم الفضل أن العباس أتى النبي صلى اله عليه وسلم فلما رآه قام إليه- رسول الله قام إليه – وقبّل ما بين عينيه ثم أقعده عن يمينه ثم قال : هذا عمي فمن شاء فليباهي بعمه
[الطبراني عن ابن عباس]
ويروى أن سيدنا عمر رضي الله عنه استسقى عام الرمادة بالعباس فقال :
اللهم هذا عم نبيك نتوجه به إليك فأسقنا
فما برحوا حتى سقوا، فخطب عمر فقال :
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده، يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلةً إلى الله فيما نزل بكم
وكان الصحابة الكرام يعرفون للعباس فضله فيقدمونه ويشاورونه ويأخذون برأيه .
هذا عم النبي، فكان سيدنا عثمان و سيدنا عمر وهما خليفتان لم يمر بهما العباس وهما راكبان أبداً حتى ينزلا إجلالاً له ويقولان :
عم رسول الله صلى الله عليه وسلم
هذا أدب رسول الله مع عمه العباس فكيف أدب العباس مع رسول الله ؟
قيل للعباس أنت أكبر أم النبي ؟ ـ أحياناً الإنسان يكون عنده أخ صغير يتزوج وهو أخ أكبر يأتيه ولد أكبر من عمه هذه واردة، أو أكبر من خاله ـ فقال :
هو أكبر مني وأنا ولدت قبله
وفي رواية :
هو أكبر مني وأنا أسن منه
وذهب زيد بن ثابت رضي الله عنه ليركب فأمسك ابن عباس رضي الله عنهما بالركاب فقال :
تنحى يا بن عم رسول الله
قال:
لا هكذا نفعل بالعلماء الكبراء
ويقول عليه الصلاة والسلام:
إِنَّ مِنْ إِجْلالِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ
[أبو داود عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ]
ولكن كم أتمنى على ذي الشيبة المسلم أن يستحي من الله، يقول الله عز وجل في الحديث القدسي :
شاب شعرك، وضعف بصرك، وانحنى ظهرك، فاستح مني فأنا أستحي منك
إذا الإنسان تجاوز الثلاثين أو الأربعين لا يليق به أن يعصي الله أبداً، لا يليق به أن يمزح مزحاً فاحشاً، لا يليق به أن يمضي الساعات الطوال على الطاولة، استحِ مني فأنا أستحي منك .
والحمد الله رب العالمين
منقول عن: الفقه الإسلامي – موضوعات متفرقة – الدرس22 : حكم السؤال عن الشبهات – شمائله صلى الله عليه وسلم.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1986-04-13 | المصدر

آداب #النبي_محمد صلى الله عليه وسلم مع جلسائِهِ #أخلاق_النبي



بسم الله الرحمن الرحيم
فيما يلي سيرته صلى الله عليه وسلم مع جلسائِهِ وآدابِهِ معهم :
1 ـ دائم البِشر :
قال الحُسين رضي الله عنه :
سألت أبي علي رضي الله عنه عن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في جلسائِهِ
فقال :
كان عليه الصلاة والسلام دائِمَ البِشرِ
أي طلق الوجه، المؤمن طلقُ الوجه، لا تحقِرنَّ من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاكَ بوجهٍ طلق، أحياناً ربُّ العمل إذا كان طليقَ الوجهِ يبعث الطمأنينة والحماس فيمن حوله، وإذا كان عبوساً قمطريراً يبعثُ الخوفَ والقلقَ والحُزنَ والتشاؤم فيمن حوله، فالنبي عليه الصلاة والسلام كانَ دائِمَ البِشرِ أي أنَّ الابتسامة اللطيفة لا تُفارق مُحيّاه، والابتسامة عملٌ صالح، تبسُمُكَ في وجهِ أخيكَ صدقة، وهناكَ أُناسٌ يضنونَ بالبسمة، يضنونَ بالكلمة الطيبة، يضنونَ بشيء لا يُكلفُهم شيئاً ولكن نفوسُهم الشيحة . .
2 ـ سهل الخلق :
دائِمَ البِشرِ سهلَ الخُلُقِ، أي لا يُحبُ المشاحنة :
غَفَرَ اللَّهُ لِرَجُلٍ كَانَ قَبْلَكُمْ كَانَ سَهْلا إِذَا بَاعَ، سَهْلا إِذَا اشْتَرَى، سَهْلا إِذَا اقْتَضَى
[البيهقي عَنْ جَابِرٍ]
ليسَ عنيداً، ليس مشاحناً، ليسَ قاسياً، أميل إلى اللين . ليّنَ الجانب أي من عامله أحبه، قيلَ في النبي عليه الصلاة والسلام :
من رآه بديهةً هابَهُ ومن عامله أحبَهُ
3 ـ متواضع :
متواضع؛ قد يأنس به الصغير، ويسعد به الكبير، ويستعظمه العظيم، ويُحبه القريب، ويشتاق له البعيد .
4 ـ ليس بفظ :
ليس بفظٍّ . . هناك إنسان فظ . .
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)
[سورة آل عمران : 159]
كلمته قاسية يقول له : أنت لاتفهم . . . أعتقد أنَّ الأمر على خِلاف ما ذكرت . . . كاذب . . هذه فظاظة . .، ألا ترى معي أنَّ هذه الرواية عليها مآخذ ؟ سيدنا عمر كان يمشي في الطريق فرآى أُناساً يوقِدون ناراً فقال :
السلام عليكم يا أهلَ الضوء
ولم يُقل : السلام عليكم يا أهلَ النار . . هناك لُطف . .، ربنا عزّ وجل قال :
(وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ *إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ)
[سورة المؤمنون : 5-7]
هل هذه العبارة تخدشُ حياء الإنسان ؟ هل هذه العبارة مما تُحرج المُتكلّم ؟ يقول : لا حياء في الدين !! من قال لك ذلك ؟ الدين كُلُهُ حياء، كُلُه أدب، كُلُه خجل . . لا حياء في الدين . . لا . . من لا حياءَ له لا إيمانَ له، الحياء والإيمان قُرِنا جميعاً فإذا رُفِعَ أحدُهما رُفِعَ الآخر .
5 ـ ليس بغليظ :
ولا غليظ . . أحياناً يلتقي شخص في الطريق بشخص آخر يسأله أين ذاهب ؟ فيقول له : مشوار، فيُريد هذا الشخص أن يُحقق معه ماذا يعمل ؟ أين يسكن ؟ ما اسمه ؟ وكلما سكت يسأله ويُضيّق عليه، قد يكون له وضع خاص . . هذه غلاظة . .، ليسَ بفظٍ ولا غليظ .
6 ـ ليس بصخّاب :
ولا صخّابٍ، أي هناك أُناس صوتهم مرتفع يُسمى عِندَ العوام على الموجة العالية، الصوت المنخفض سُنّة نبوية :
(وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ)
[سورة لقمان : 19]
7 ـ ليس بفحّاش :
ولا فحّاشٍ، أي مزاحه كلُهُ مغشوش، وكل مزاحه متدن، أي في مجلس إذا كان الوالد مع ولده تجد الابن قد ذابَ خجلاً من والده، واحمرَّ وجهه لأنه يتكلّم عن العورات، وبالعلاقات الشائنة بين الجنسين، ويقوم ويُمثّل . . هذا فحّاش . .، اللهمَّ صلِّ عليه ليسَ بفظٍ ولا غليظٍ ولا صخّابٍ ولا فحّاشٍ .
النبي الكريم رأى أحد بناته أو أحد نسائه ترتدي ثوباً رقيقاً فقال :
لا تلبسي هذا الثوب إنه يصفُ حجمَ عظامِكِ
ماذا يتكلّم عليه الصلاة والسلام ؟ أي شيء يذكره عن المرأة يُثير- إنه يصفُ حجمَ عظامِكِ، انظر لكلمة عظام هل تُحرَك شيئاً، شاعر تغزّل بفتاة اسمُها سلمى فأخذَ عليه النُقّاد مآخذ كثيرة، قال :
إنَّ سلمـى خُلِقت من قصبِ السُـــــــــكر لا عظم الجمل
وإذا قدّمت منها بصلا ً غَلَبَ المِسكُ على ريح البصل
ما هذا الغزل الذي فيه بصل وعظم جمل ؟ أي يتنافر، قال :
لا تلبسي هذا الثوب إنه يصفُ حجمَ عظامِكِ
لم يكُن فحّاشاً أبداً، وربنا عزّ وجل قال :
(أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوّاً غَفُوراً)
[سورة النساء : 43]
انظر لكلمة لامستم النساء :
(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24))
[سورة النور : 24]
الجلود كنّى بها الله سبحانه وتعالى عن شيء ينبغي ألا يُذكر :
(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ)
[سورة فُصلّت : 21]
دقة القرآن الكريم، روعة بيانه، صياغته اللطيفة، أحياناً الإنسان . . . . مجلة مثلاً يستفيد منها الأهل للخياطة فيها صور شائنة تُسبب حرجاً في البيت لابُدَّ من مقص للرقابة يقص هذه الصور أحياناً، أمّا كلام ربنا عزّ وجل كائناً من كان يقرأه فليسَ فيه شيء يخدش الحياء، فالإسلام ليسَ فيه حياء !!؟ الإسلام كله حياء، هذا الذي يذكر العورات تحت ستار لا حياء في الدين فهذا يجهل الدين، يجهل حقيقة الدين .
8 ـ ليس بعيّاب :
ولا عيّابٍ، شخص اشترى طقماً غالياً، إذاً القماشة غالية والخياطة ممتازة، يقول له شخص آخر : الخياطة غير جيدة، الساعد لم يُخيّط بشكل جيد، فخجل بنفسه، فلا همَّ له إلا أن ينتقد، أينما وقع بصره ينتقد، هذا الإنسان لا يوجد عنده لباقة .
9 ـ ليس بمشاحن :
ولا مُشاحن وفي رواية ولا مدّاحٍ، أحياناً الإنسان يمدح الحاجة أكثر من الحد الطبيعي، فماذا يحدث ؟ يبدو أنَّ هذا الإنسان مُحبٌ للدنيا، أي إذا مدحت شيئاً فكُن مُعتدلاً في مدحِك، إذا مدحت الشيئء فوقَ الحد المعقول شكَّ الناس في توازِنك .
10 ـ ليس بمزّاح :
ولا مزّاحٍ، هناك شخص أربعة أخماس كلامه مُزاح لا تعرفه جاداً أو أنه يمزح، طبعاً هذا مما يُسببُ حرجاً .
” من كثر مزاحُهُ قلّت هيبته ”
ليس معنى ذلك أنَّ المُزاح حرام، كان عليه الصلاة والسلام يمزحُ ولا يمزحُ إلا حقاً، مرةً أمسكَ بأحد أصحابِهِ من وراء ظهره، وقال :
من يشتري هذا العبد ؟
فقال هذا الصحابي :
إذا تجدني كاسداً ؟
فقال عليه الصلاة والسلام :
أنت عندَ الله لستَ بكاسد
مرةً قال لصحابي :
أبشر بدخول الجنة
فقال الثاني :
وأنا ؟
الثاني أحرجه، الأول في مستوى الجنة، فقال له :
سَبَقَكَ بِها عُكاشة
جواب بمنتهى اللُطف .
11 ـ يتغافل عما لا يشتهي :
يتغافل عمّا لا يشتهي، في مجلسه صحابي تكلّم كلمة كان يجبُ ألاّ يقولها فلا يُعلّقُ عليها، يتغافل عنها كأنه لم يسمعها، إنسان تجشأ فعل ذلك كثيراً فقال له :
كُفَّ عنّا جشأكَ
يتغافل عمّا لا يشتهي، لا تحمروا الوجوه، لا تُحرج الناس، غلط وندم على الغلط فكأنه لم يقلها .
12 ـ لا ييئس منه راجيه :
ولا ييئس منه راجيه، أي إذا رجاه إنسان كان موطن راجيه، ولا يخيبُ فيه راجيه .
13 ـ يترك المراء و الإكثار و ما لا يعنيه :
قد تركَ نفسه من ثلاث :
من المِراء : قال : سمعت هذا بركان كولومبيا قتل خمسة وثلاثين ألف شخص خلال يومين، يقول الآخر : غير معقول أنا سمعت خمسة عشر ألف فقام الخِلاف بينهما . . . . . هذا المِراء، فهذه ليسَ لها علاقة بالدين، مررها له، خمسُة وثلاثون، هناك شخص عنيد يبقى على نِقاش حتى يقوم بتفشيل صاحبه . . هذا مِراء . .، أما لو كانت القضية خِلافية في الدين فالسكوت عنها لا يجوز، أمّا القضية فإخبارية .
والإكثار : هناك شخص نفسه محور العالم أو محور الحاضرين . . سافرت وعدت وبعت واشتريت وسكنت، وكأنهُ فقط هو الذي يجلس في المجلس، فهذا الذي يجلس بجانبك ليس بتاجر، أنت تتكلم عن رحلاتك وصفقاتك وفي أي فندق نزلت و . . . . . . فهذا لا يهم الحاضرين بل يتضايقون منه، فهو يجب أن تكون حركاته وسكناته محور الحديث كله . . هذا الإكثار . .،
كان عليه الصلاة والسلام لا يتحدث عن نفسهِ إطلاقاً، وما لا يعنيه .
14 ـ لا يذمُّ أحداً ولا يعيبُهُ ولا يطلبُ عورته :
وتركَ الناسَ من ثلاث : كان لا يذمُّ أحداً، ولا يعيبُهُ، ولا يطلبُ عورته . . سمعنا البارحة الجار الفلاني قد تشاجر مع زوجته ما السبب يا تُرى ؟
الشخص الفلاني لم يُنجب أولاداً فيا ترى منه أم من الزوجة ؟
ليس لكَ علاقة بكل هذه الموضوعات .
15 ـ لا يتكلّمُ إلا فيما رجى ثوابُهُ :
ولا يتكلّمُ إلا فيما رجى ثوابُهُ، والدارُ لهوٌ، والذين هم عن اللهو معرضون،
وقال العلماء :
كل ما سِوى الله لهوٌ
16 ـ إذا تكلم أطرق جلساؤه :
وإذا تكلّم أطرقَ جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير، كان له هيبةً شديدة ومحبة فإذا سكتَ تكلّموا، حيث أنه يتكلم فالكل له مستمعون، غير ممكن أن يُقاطعه إنسان إلى أن يسكت ويقول : يافُلان تكلم فيتكلّم، أمّا الشخص فيُقاطعُك أول مرة والثانية والثالثة ويقول لك “من غير قطع لحديثك “، فإذا سكت تكلّموا لا يتنازعون عنده الحديث، من مكانته العليّة عند أصحابِهِ لا يتنازعون عنده الحديث، ومن تكلّمَ عِنده أنصتوا له حتى يفرغ، من حق الأخ على أخيه أن يستمع له، حديثهم عنده حديث أولهم، دائماً التفوق والسبق والفوز . . حديث أولهم . . وليس حديث الضِعاف وحديث الكُسالى بل حديث المتفوقين السابقين السابقين .
17 ـ يضحك مما يضحك منه أصحابه :
يضحك مما يضحكون منه، أحياناً وهذه تحدث مع المدرس، الطالب تصرّف تصرفاً مضحكاً فالطلاب ضحكوا . . المدرس لا . .، اضحك معهم حيث أنَّ الموقف مُضحك والطلاب ضحكوا ضحكة بريئة فكُن أنت طبيعياً واضحك معهم، إذا المدرس ضحك مع طلابه صار هناك شيء من الأُلفة، أمّا الشيء مُضحك فعلاً والمدرس بقي ساكتاً، عبوساً قمطريراً، فصار هناك تفلُت، كان عليه الصلاة والسلام يضحكُ مما يضحكون منه . . جُبران خاطر أحياناً، شخص روى لكَ نكتة فلم تضحك فشعر بنفسه بالخجل، أي أنها ليست مضحكة، لو لم تكُن مُضحكة اضحك ضحكة خفيفة كي لا يخجل بنفسه .
18 ـ يتعجّب مما يتعجب منه أصحابه ويصبر للغريب على الجفوة :
ويتعجّب مما يتعجبون منه، ويصبر للغريب على الجفوة، قال : اعدل يا مُحمد، قال :
ويحك من يعدل إن لم أعدل ؟
أي عليه الصلاة والسلام تحمله، أحدهم قال له: أعطني مما أعطاكَ الله فأعطاه
وسأله هل أحسنت إليك ؟
فأجاب لا أحسنت ولا أجمِلت، فأصحابه الكِرام كادوا يثبون عليه فقال لهم النبي :
دعوه لي
أخذه إلى البيت وزاده عطاءً وسأله هل أحسنتَ إليك ؟
فأجاب نعم أحسنتَ وأجملت، فقال له النبي :
لقد سألتنا فأعطيناك فقُلت ما قُلت وفي نفسِ أصحابي شيء فإذا خرجت لعندهم الآن فقُل لهم مِثلَ ما قُلتَ لي
خرجَ النبي مع هذا الأعرابي وقال :
إنَّ هذا الرجل جاءنا فسألنا فأعطيناه
فقالَ الذي قال فلمّا زِدناه رضي، أكذلك يا أعرابي ؟ قال : نعم أحسنتَ وأجملت وانصرف،
قال :
مَثَلَي ومَثَلُ هذا الأعرابي كمَثَلِ رجل له ناقةٌ شردت منه فجعَلَ أصحابَهُ يتبعونها حتى زادوها شروداً فقال : خلّوا بيني وبينها، فطلبها وأعطاها بعض خشاش الأرض إلى أن لانت، فقال لو تركتكم وشأنكم لهلكتُم وهَلَكت
انظر للرِقة . . كان عليه الصلاة والسلام يصبر للغريب، أحياناً يدخل أخ جديد ويقول : السلام عليكم، هذه خِلاف الأصول الإسلامية حيث أنه في مجلس العِلم لا يوجد سلام، فإذا قال له أحدهم بصوت خفيف : وعليكم السلام يكون قد خففَ من خجلِهِ . . هذا غريب لا يعرف . .، أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أثناء الصلاة عطس فقال له الآخر : يرحمكم الله، فأصحاب رسول الله ضربوا على أرجلِهم فخاف هذا الرجل وبقي بخوف شديد حتى انتهت الصلاة طلبه الرسول عليه الصلاة والسلام وقال له :
إنَّ هذا الكلام لا يصحُ في الصلاة
فقال هذا الأعرابي فوالله ما رأيت معلماً أحكمَ منه والله ما كهرني ولا نهرني . . إنه لا يعرف .
أحياناً يأتي طفل ليُصلي أول مرة في الجامع فلا يعرف أن يقف، فيُقال له : عُد للخلف يبقى مُعقّداً، قال لي شخص : أنا الدين كله أحببته حيث دخلت إلى الجامع منذ صَغري وكنت قد اشتريت حذاء جديداً وعندما خرجت لم أجده فبكيت ” الجامع في سوق الحميدية ” فشاهده تاجر وسأله فقال له ما جرى، فقال التاجر له : تعال واشترى له حذاء بدلاً منه، هذا الموقف مع هذا الطفل الصغير طيلة حياته يُحب الصلاة، طفل دخل إلى الجامع قُم بتدليله وإكرامه وإذا صلّى في الصف الأول ما المانع ؟؟ أحياناً يجلس على قدميه فينهره شخص ويقول له : اجلس جيداً . . ليست هذه في الأساس الدعوة إلى الله . . هذه فظاظة . . من أمرَ بمعروف فليكن أمره بمعروف، هذا الطفل عبد الإحسان، عليه الصلاة والسلام كان يتصابى للصبيان قال :
من كان له صبيٌ فليتصاب له
إذا مرَّ في الطريق وكان فيه صبيان يقول :
السلام عليكم يا صبيان
فلذلك كان عليه الصلاة والسلام يصبر للغريب على الجفوة في منطقِهِ ومسألتِهِ حتى إن كان أصحابهُ ليستجلبونهم ويقول :
إن رأيتم طالِبَ حاجةٍ فأرسلوه
19 ـ لا يقبل الثناء إلا من مُكافئ :
لا يقبل الثناء إلا من مُكافئ، إنسان سفيه يمدحه لا يرضَ ذلك، يقبل الثناء من إنسان بمستواه راق، لأنَّ مدح السفيه سفاهة، ومدحُ السفيه إهانة .
20 ـ لا يقطع على أحدٍ حديثه :
ولا يقطع على أحدٍ حديثه، قال : وتراه يُصغي للحديثِ بسمعِهِ وقلبِهِ ولعلّه أدرى بِهِ حتى يجوز – أي يجاوز الحق – فيقطعه بنهيٍ أو قيام .
والحمد الله رب العالمين
منقول عن:
الفقه الإسلامي – موضوعات متفرقة – الدرس 21 : مسالك الشبهات – شمائل النبي صلى الله عليه وسلم | المصدر

الثلاثاء، 26 يوليو 2016

شمائل #النبي_محمد عليه الصلاة والسلام #أخلاق_النبي

3044

شمائل النبي عليه الصلاة والسلام.

بسم الله الرحمن الرحيم
تحدثنا سابقاً عن سيرة وآداب النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل إلى منزله، وكيف أنه يقسم وقته ثلاثة أقسام:
• قسم لربه يمضيه في التعبد والتهجد وتلاوة القرآن والذكر.
• قسم لنفسه يشطره شطرين:
o شطر لأخذ قسط من النوم.
o شطر لقضاء حوائج الناس قضاءً خاصاً.
• قسم لأهله يشطره شطرين:
o شطر يؤنسهم فيه.
o شطرآخر يلبي بعض حوائجهم فيه.
وفيما يلي نبذة عن شمائله عليه الصلاة والسلام:
1 ـ يحجم لسانه إلا فيما يعنيه :
إذا خرج النبي عليه الصلاة والسلام من بيته، قال الحسين رضي الله عنه :
سألت أبي – يعني علياً كرم الله وجهه – عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟
فقال :
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحجم لسانه إلا فيما يعنيه
راقب نفسك الحديث الذي تتحدث فيه هل هو مما يعنيك؟
قال عليه الصلاة والسلام :
مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ
[ابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
ما معنى يعنيه؟ أي تتعلق عنايته به، أي يكون قصده ومطلوبه والعناية شدة الاهتمام بالشيء، عناه الأمر أي أهمه، وليس المراد أنه يترك ما لا عناية له به بحكم الهوى وطلب النفس بل بحكم الشرع و الإسلام، كيف؟ أي مثلاً ماذا يعني المؤمن أن يعرف الله سبحانه و تعالى؟ ماذا يعني المؤمن أن يتقرب إليه؟ ماذا يعني المؤمن أن يستقيم على أمره؟ فكل شيء يعنيه من هذه الموضوعات يسأل عنه، يبحث فيه، يتقصاه، يدقق، يتأمل، يسأل، أما إن كان من أمر الدنيا فهو قد يعنيه من باب هوى النفس و لكن لا يعنيه من هوى الشرع، مثلاً شاري بيتاً يريد أن يعمل له تزيينات هذا يعنيه فأصبح يسأل و يبحث و يدقق و يمضي الساعات الطويلة و أذهب عنه صلوات كثيرة، أخي هذا الشيء يعنيني، هذا يعنيك بحسب الهوى لا بحسب الشرع :
مِنْ حُسْنِ إِسْلامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لا يَعْنِيهِ
[ابن ماجة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]
الذي يعنيه في مقياس الشرع، لا يعني الإنسان الصادق إلا أن يعرف الله عز وجل، إلا أن يستقيم على أمره، إلا أن يتقرب إليه، هذا الذي يعنيه، فكان عليه الصلاة و السلام يخزن لسانه إلا فيما يعنيه، أي أحد ما سأل عن آية قرآنية، سمع تفسيرها يصغي بإذنه، ما توضيح التفسير؟ يسأل، حكم شرعي، قضية متعلقة بالصلاة، متعلقة بالزكاة، قضية متعلقة بطاعة من الطاعات، قضية متعلقة بأداء عبادة، قضية متعلقة بحديث يتعارض مع آية، يا ترى ما وجه التوفيق بينهما؟ قضية متعلقة بما يبدو له شبهة يحب أن يعرف وجه الحق فيه، هذا كله يعنيك لكن هناك غوصاً في أمور تعنيك لكن لا ترضيك .
2 ـ يؤلف و لا ينفر :
كان عليه الصلاة و السلام يؤلفهم و لا ينفرهم، أي كلما التقى بإنسان يحدثه بحديث يجمعه مع إخوانه، أي اشترى بيتاً من أخيه قال : والله أخي باعني هذا البيت بمئتي ألف، قد يكون سعر البيت ثلاثمئة ألف، من دون مبالاة البيت يساوي مئة ألف قالها ومشى، مئتان على ماذا؟ هذا الكلام يساوي شقاقاً، يساوي خلافاً، يساوي عداء، يساوي تقاطعاً، يساوي تدابراً، صلى الله عليه كان يؤلفهم ولا ينفرهم .
دخل إلى عند أخته قالت له : زوجي ما أحضر لي شيئاً، يقول لها : زوجك كله هدية، أخلاق عالية وورع، وجهده كله لكم، لماذا هذه الهدية؟ أما إنسان آخر فيقول : ما أحضر لك شيئاً هو لا يستحقك، في المساء يوجد مشكلة، من الممكن أن يرسلها إلى بيت أهلها، ممكن أن ينتهي الأمر بالطلاق من أجل كلمة لا يستحقك، صلى الله عليه وسلم يؤلفهم ولا ينفرهم، دائماً يوفق بين الناس، بين شريكين، بين أخوين، بين أب وابنه، بين بنت وأمها، أي هذا الأب يشكو ابنه، يقول له : معك حق انظر إلى غيره من الأولاد، شيء لا يحتمل، ترى الأب ارتاح، يا أخي لا يدرس، لا أحد يدرس صار هناك عطف من الأب على ابنه، جاء أب واشتكى لك على ابنه، تقول له : لا والله أنا ابني مميز، لا يوجد منه، حرقت له قلبه هو يشتكي على ابنه وأنت مدحت ابنك فتنشئ نفوراً بين الأب وابنه .
أحياناً إنسان يمدح لك ابنك وأنت تعرفه ليس كذلك تقول له : جبر الله خاطرك، هذا ليس مديحاً هذا جبران خاطر .
فالنبي صلى الله عليه وسلم يؤلفهم ولا ينفرهم، خطيب أحضر لخطيبته أسوارة من الذهب فقالت أمها : من الآن تقدم ذهباً، نريد ألماساً، فإن قال أحدهم : أنت مخطئة الألماس يخيس نصف ثمنه، والذهب هو هو، بالعكس انطربت هذه الخطيبة، لما قدم لها أسوارة ذهب انزعجت، متوقعة ألماس يقدم لها، جاء أخوها قالت له : ذهب أحضر لي خطيبي، فقال : لابأس هذا الذهب لا يخيس وثمنه معه، ومن ثم خيره إلى الأمام، إذا كان معاملته لطيفة لك فهي أكبر هدية، هناك أخوة يوقعون الشقاق بين الخطيب وخطيبته، دائماً كلامه مؤذ، شيطان داخل فيه، أساساً كل إنسان كلامه يفرق هو شيطان، ليس منا من فرق .
3 ـ يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم :
يكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم، قال :
أكرموا عزيز قوم ذلّ، وغني افتقر، وعالم ضاع بين الجهال
هذه سفانة بنت حاتم طي وقعت أسيرةً عند النبي صلى الله عليه وسلم، مرّ عليه الصلاة والسلام وكانت ذكيةً جداً، فوقفت وقالت : يا رسول الله إن أبي كان يقوي الضيف، ويعين على نوائب الدهر، أكرمني أكرمك الله،
قال :
أطلق سراحها وأطلق سراح قومها إكراماً لها
ثم قال :
أكرموا أباها فإنه كان يحب مكارم الأخلاق
هكذا النبي دخل عليه عدي بن حاتم، رحب به، إذا شخص دخل إلى عندك وأنت خلف الطاولة جالس تعرفه له مكانة اجتماعية تتجاهله هذا سوء أدب، احتل وظيفة سابقة رفيعة، الآن هو رجل متقاعد دخل إلى عندك أهلاً وسهلاً، رحب به، أكرموا كريم كل قوم .
كان يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليه، ويحذر الناس، ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد منه بشره وخلقه .
4 ـ يحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي بشره عن أحد :
قال لك إنسان : أريد أن أستدين منك عشرة آلاف ليرة وأنت لا تعرفه وليس لك ثقة بأمانته، أخي أنا لا أعرفك أخاف أن تأكلهم عليّ، لا ليس كذلك، إذا أنت اعتذرت منه اعتذاراً لطيفاً، وبششت في وجهه، كان يحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي بشره عن أحد .
احذروا الناس، المؤمن كيس فطن حذر، المؤمن يحترس، يفكر بالعواقب، يتبصر لكن كان يحذر الناس ويحترس منهم، أي بشاشته للجميع، يبش للجميع لكنه يحذر بعض الناس، شخص لا تعرفه كيف تحدثه مثلاً عن أسرارك؟ شخص لا تعرفه كيف تعطيه مالك بلا إيصال؟ شخص لا تعرفه كيف تدخله لبيتك في غيبتك؟ هذه بلاهة، سذاجة، كان يحذر الناس، أي وجهه باش للجميع وأحياناً في حذر وفي احتراس من بعض الناس مما لا يثق بهم، النبي عليه الصلاة والسلام قال :
لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنًا وَلا يَأْكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيٌّ
[أبو داود عَنْ أَبِي سَعِيدٍ]
5 ـ يتفقد أصحابه :
يتفقد أصحابه يسأل عنهم، فلان ما شأنه؟ ما صنع فلان؟ أين فلان لم نره؟ غاب عنا طويلاً اسألوا عنه؟ ولكن من الأصول إذا كان الإنسان يحضر مجلس علم واضطر أن يسافر، أو اضطر أن يعمل عمرة، أن يعطي للآخرين علماً بهذا، أحياناً نفتقده شهراً، فلان لم أشاهده، ممكن أن يكون مريضاً أين كنت؟ كنت في العمرة، أعطنا خبراً نفرح لك ونبلغك رسالة أن تدعو لنا عند رسول الله، فقط أعطنا علماً، الإنسان بالإعلام يزيد المودة .
يتفقد أصحابه ويسأل الإنسان عما في الناس، جلست مع مزارع فوراً الآية الكريمة، الحديث، الآخرة، اسأله عن أحواله كيف المطر؟ كيف الموسم؟ أمنت بذاراً إن شاء الله؟ هل يوجد عندك مشكلات؟ إن شاء الله عملك جيد؟ عندما تسأله عن أحواله يفرح، هذا مهتم بمزرعته، ببستانه، بالمطر، بالأتربة، بالبذور، تكلم عن موضوعاته، جلست مع تاجر إن شاء الله العمل جيد؟ هل تؤمن موادك؟ بضاعتك؟ كيف البيع؟ إن شاء الله النتيجة جيدة هذه السنة؟
النبي صلى الله عليه إن جلس مع تاجر يسأله عن تجارته، مع مزارع عن زراعته، مع موظف عن وظيفته، إن شاء الله لا تعاني من المشاكل في وظيفتك؟ كم ساعة دوامك؟ يوجد وظائف مريحة ووظائف متعبة الحياة كلها جهاد وتعب :
من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفوراً له
[ابن عساكر عن أنس]
اسأل الموظف عن وظيفته، والتاجر عن تجارته، والمزارع عن زراعته، والعامل عن معمله، والله عز وجل يبعث لك محلاً ويكرمك وهو يعمل صانعاً، الله كريم كلنا بدأنا من الصفر والله أكرمنا، لما أنت تكلم شخصاً بموضوعات تهمه يحبك، لكن هو مهموم والمطر لا تهطل تأتي تقول : الله عز وجل قال الآية الفلانية، والحديث الفلاني، والآخرة، والموت، يقول لك : لا أريد أن أموت الآن .
6 ـ يسأل الناس عما في الناس :
يسأل الناس عما في الناس، هذا له قضية تهمه أي عنده أولاد أنا ألاحظها، إذا التقيت بإنسان اسأله عن ابنه فيسر، كيف حال ابنك إن شاء الله بخير؟ كيف دراسته؟ كيف صحته؟ عندما تسأل إنساناً عن ابنه يطمئن، معنى ذلك أنك مهتم به، ثم توجهه ليس في الحال اترك التوجيه لمرحلة ثانية، اسأله عن أحواله، بحاجة إلى مساعدة؟ يريد قضية أن تعاونه فيها؟ أحياناً تساعده باسم طبيب، و الله يوجد اسم طبيب مختص بهذا المرض، أحياناً تساعده باسم محامي، باسم مهندس، بموظف تعرفه اذهب إليه و قل له : فلان بعثني لعندك، عندما تحل له قضيته الدنيوية يميل قلبه نحوك و في ذلك الوقت توجهه، يسأل الناس عما في الناس .
7 ـ يحسن الحسن و يقويه و يقبح القبيح و يوهيه :
يحسن الحسن و يقويه و يقبح القبيح و يوهيه، و الله أخي جاءنا خطيب لكن، و الله أخي عملت عين العقل، أنت بطل، رسول الله قال :
إِذَا أَتَاكُـمْ مـَنْ تَرْضَوْنَ خُلُقَهُ وَدِينَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأرْضِ وَفَسَادٌ عَـرِيـضٌ
[ابن ماجة عن أبي هريرة]
يأتي إنسان كافر يقول لك : و الله خطب ابنتي فلان عنده بيت؟ لا و الله لا يوجد عنده، ماذا تريد بهذا العمل، ماذا يعمل؟ موظف، موظف لا تريده، يكرهك بالناس الطيبين، مقياسه مادي فقط، إذا كان هذا الخطيب لا يوجد معه مال وفير، لا يوجد عنده معمل، لا يوجد عنده بيت، ينفروك منه، هذا فسق و فجور، صلى الله عليه وسلم يحسن الحسن و يقويه و يقبح القبيح ويوهيه .
8 ـ معتدل الأمر :
معتدل الأمر، أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما، وابغض بغيضك هوناً ما عسى أن يكون حبيبك يوماً ما .
أحياناً يخطب هذه البنت خاطب يدخل إلى الأعماق، ما أكلوا من دونه ولم يذهبوا إلا معه، فكشف كل مشاكلهم، بعد هذا اختفى هذا الخاطب، أحياناً يهجمون على الرجل هجمة ينسون أحوالهم، وإذا عادوا عداء شديداً، صلى الله عليه معتدل الأمر غير مختلف لا يغفل مخافة أن يغفلوا ويميلوا، أي لا يغفل عن نصح أصحابه، لا يغفل عن تذكيرهم، لا يغفل عن إرشادهم، لا يغفل عن تعليمهم، لا يغفلوا عن توجيههم، مخافة أن يغفلوا عن الله، فإذا غفلوا مالوا إلى الدنيا، وإذا مالوا لها هلكوا .
9 ـ لكل حال عنده عتاد :
لكل حال عنده عتاد، قال له رجل : انظر هذه الفرس أعلفها كل يوم صاع من بر لأقتلك عليها، قال له : إني قاتلك، هكذا كلام لا يحتاج إلى لطف، هذا الكلام يحتاج إلى كلام من وزنه، في أحد قال أحدهم : أين محمد ما نجوت إن نجا؟ دعوني، خلوا بيني وبينه، وكزه بالرمح فولى هارباً يعوي كالكلاب، قال : قتلني قتلني، فقال له : ما قتلك، قال : والله لو بسق عليّ لقتلني .
لأن لكل حال عنده عتاد، الكريم معه كريم، واللطيف معه لطيف، قال : التكبر على المتكبر صدقة،
قال سيدنا الشافعي:
ما تكبر علي متكبر مرتين
لا أسمح أن يتكبر عليّ إنسان مرتين.
10 ـ لا يقصر عن الحق ولا يتجاوزه :
لا يقصر عن الحق ولا يتجاوزه، أي لا إفراط ولا تفريط، أحياناً الزوج يشدد تشديداً غير طبيعي، ليس معقولاً طلبت منه أن تزور أهلها لا يسمح لها، وآخر مسيبها، واحد قصر عن الحق وواحد تجاوزه، صلى الله عليه وسلم لا يقصر عن الحق و لا يجاوزه .
11 ـ الذين يلونه من الناس خيارهم :
الذين يلونه من الناس خيارهم، أي من السنة الأوائل المتفوقين يكونوا أقرب الناس له، لو أن بعض الناس من دهمائهم، من سوقتهم كانوا إلى جانبه أي يسيؤون أحياناً، رجل جلس و صار يتجشأ تضايق منه رسول الله و قال له : كف عنا جشأك يا أخي، اجلس أنت ببيتك، آكل كثيراً، مد أقدامه و أخذ راحته، هذا ليس طالب علم، اذهب و اجلس ببيتك يا أخي، قال له : كف عنا جشأك، النبي الكريم يتمنى أن يجلس حوله المتفوقون الصادقون المحبون العاشقون المتيمون، الذين يلونه من الناس خيارهم أفضلهم عنده أعمهم نصيحة، و أعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة و مؤازرة، هذا إن كان خرج من منزله .
والحمد الله رب العالمين
منقول عن:
الفقه الإسلامي – موضوعات متفرقة – الدرس 20 : مسالك الشبهات – شمائل النبي صلى الله عليه وسلم.
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 1986-03-16 | المصدر

الآثار المترتبة على معرفتك بأسماء الله الحسنى #التعريف_بالله





بسم الله الرحمن الرحيم
تعد الأسماء الحسنى أكبر ركيزة في الإيمان، ولسوف أستعرض بعض الآثار المترتبة على معرفتك بأسماء الله الحسنى.
الأثر الأول: تعظيم الله عز وجل وطاعته وخشيته:
يجب أن نؤمن إيماناً قطعياً أن الإيمان بالله شيء، وأن الإيمان به عظيماً شيء آخر،
الدليل قوله تعالى:
(إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ)
[سورة الحاقة]
أي: مًن استحق دخول النار.
التركيز على كلمة (الْعَظِيمِ).
الآن:
(إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ)
[سورة الحاقة]
الأمر منصب على العظيم لأن إبليس آمن بالله:
(قَالَ فَبِعِزَّتِكَ)
[سورة ص]
آمن به رباً وعزيزاً وخالقاً:
(خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)
[سورة الأعراف]
وآمن باليوم الآخر، ومع ذلك هو إبليس، فالذي يؤمن دون أن يستقيم يمكن أن نسمي إيمانه إيماناً إبليسياً، الذي يؤمن دون أن يلتزم، الذي يؤمن دون أن يقف موقفاً يؤكد إيمانه، لأن الإيمان ما وقر في القلب، وأقر به اللسان، وأكده العمل.
أيها الإخوة، أول شيء من آثار الإيمان بأسماء الله الحسنى تعظيم الله، ويجب أن تؤمن أن هناك علاقة مطردة بين تعظيم الله و طاعته.
فحينما تؤمن بالله العظيم تستقيم على أمره، لأنه كما قيل:
أرجحكم عقلاً أشدكم لله حباً
كلما ازداد إيمانك ازدادت خشيتك، لأن مقياس إيمانك هو استقامتك، هؤلاء الذين يقول أحدُهم: أنا مؤمن، ما دمت مؤمناً فلمَ تعصي الله؟
تعصي الإله وأنت تظهر حبه***ذاك لعمري في المقال شنيع
لو كان حبك صادقاً لأطـعته***إن المحب لمن يحب مطيع
أيها الإخوة الكرام، حينما تتعرف إلى اسم ( الحليم )، الحليم يمهل ولا يهمل، الحليم لا يعني أنه لا يعاقب، لكن لا يسرع في العقاب، وحينما تعرف اسم ( الغفور ) تستغفر الله، حينما تعرف اسم ( الرحيم ) تسأله التوبة، حينما تعلم أنه شديد العقاب، حينما تعلم أنه منتقم، منتقم أي يوقف الكافر عند حده، من هو أغبى الأغبياء؟ الذي لا يدخل الله في حساباته.
صدقوا أيها الإخوة الكرام أن أسماء الله الحسنى يمكن أن تكون أكبر ركن من أركان الإيمان بالله.
كلما تعمقت في أسماء الله الحسنى كان تعظيمك لله أكبر، وكانت طاعتك أشد، وكانت مسارعتك إلى رضوانه أكثر، فأصل الدين معرفة الله.
ما دمت بنيت منفعة خاصة على إضرار الناس فقد ألغيت عبادتك، هذا ليس كلامي،
(وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً)
[سورة الفرقان]
حينما تعرف أسماء الله الحسنى تعد للمليار قبل أن تأكل مالاً حراماً:
ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام
[ورد في الأثر]
أيها الإخوة الكرام، حينما تعرف أسماء الله الحسنى تعد للمليار قبل أن تعصيه، قبل أن تأكل مالاً حراماً، قبل أن تغشّ الناس، قبل أن تبيع بضاعة فاسدة، يمكن أن يكون الدواء ثمنه ألف ومئتان، وفي غفلة منك مضى وقت صلاحيته، تحكه بالشفرة، يأتي طفل فتبيعه الدواء، لقد ألغيت صلاتك وصيامك، وحجك وزكاتك، لأنك بنيت ربحك على مضرة إنسان.
أيها الإخوة الكرام، الدين ليس في دور العبادة، في أعمالكم، في بيوتكم، في الأسواق، في العيادة، في المكتب الهندسي، في مكتب المحاماة، الدين هناك، حينما تقف عند الحدود، وحينما تخشى ربك المعبود، وحينما تستقيم على أمرك، بأيّ مظهر كنت فأنت مقبول عند الله، بأية طريقة كنت أنت مقبول عند الله، وتعلُّقُ المسلمين بالمظاهر أوردهم المهالك.
أيها الإخوة الكرام، أول أثر من آثار الإيمان بأسماء الله الحسنى تعظيم الله، ومع التعظيم الخشية،
لذلك قد تكون في المركبة، وفي المركبة عدّادان: عداد السرعة وعداد حركة المحرك، أحياناً العقارب تتحرك معاً، أنا أقول لكم: عقرب الخوف من الله والخشية منه يرافقه الاستقامة على أمر الله، وكلما عظمته كلما ازددت طاعة له، لا تمتحن إيمانك بأنك تقر بأن لا إله إلا الله، امتحن إيمانك بطاعتك لله، الإيمان الذي لا يحملك على طاعة الله إيمان إبليسي لا يقدم ولا يؤخر،
هذا الأثر الأول تعظيم الله عز وجل، الله عظيم عندك، فلا تعصه، لا تأكل المال الحرام:
ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام
[ورد في الأثر]
الأثر الثاني: تعظيم القربات إلى الله وتعظيم المؤمنين:
من تعظيم الله تعظيم القربات إليه، أن يتاح لك عمل صالح ترفض أيّ موعد آخر من أجله، عندك خدمة، عندك صلة رحم، عندك دعوة إلى الله، هذه مقدَّمة على كل النشاطات، تعظمه، وتعظم القربة إليه، تعظمه وتعظم العمل الصالح، وقد تعظم حاجباً في دائرة مستقيماً مؤمناً.
أيها الإخوة الكرام، الطاعة مرتبطة بالتعظيم، والتعظيم مرتبط بمعرفة أسماء الله الحسنى، وشيء مبذول.
من لوازم معرفة الله أنك لا تعظم المخلوقين غير الملتزمين، وحينما تعظم إنساناً تراه قوياً، فتعصي الله إرضاء له فأنت لا تعرف الله أبداً، وحينما تعصي الله من أجل زوجتك فأنت لا تعرف الله أبداً، وحينما تعظم ربحاً كبيراً من غش الناس فأنت لا تعرف الله أبداً.
صدقوا أيها الإخوة، ولا أبالغ، أحياناً أرى مسلما يرتكب عملا كبيرا، وهو عند الله عظيم، أقول: والله ما عرف الله ولا واحدا بالمليار، لو عرفه لاستقام على أمره، لو عرفه لكان وقافاً عند حدوده، أن يراك حيث أمرك، وأن يفتقدك حيث نهاك، وأحياناً تكرم إنسانا تكريما غير معقول، ويرتكب المعاصي جهاراً بعمل فني، وأنت تكرمه تكريما غير معقول، هذا التكريم على ماذا يدل؟ على أن مبادئ الدين لا قيمة لها عندك.
أيها الإخوة الكرام، لا أقول: الاستهانة بالمخلوقين، لا أقصد احتقارهم، ولكن أقصد إذا دعوك إلى معصية أن لا تعبأ بهم، لا برضاهم، ولا بغضبهم، قال تعالى:
(فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (72) إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى)
[سورة طه]
حينما تعرف الله فلا تعصي ربك من أجل مخلوق، كائناً من كان، لا تتضعضع أمام قوي، ولا أمام غني، ومن تضعضع أمام غني ذهب ثلثا دينه، ويقاس عليه من تضعضع أمام قوي ذهب ثلثا دينه.
(قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45) قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى)
[سورة طه]
(قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ (61) قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)
[سورة الشعراء]
(فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ)
[سورة الأنبياء]
القصص كثيرة جداً:
الحَجّاج، أحد التابعين في عهده قام بواجب البيان، فبين، فغضب الحجاج، وقال لجلسائه: والله يا جبناء لأروينكم مِن دمه، أمر بقتله بكلمة لا تحتاج إلى محكمة، ولا محامي دفاع، ولا محامي إثبات، فاستدعي للقتل، وجيء بالسياف، ومد النطع، لما دخل الحسن البصري على الحجاج رأى السياف واقفًا، والنطع ممدودا، ففهِم كل شيء، أنه مقتول، حرك شفتيه، وما فهم أحد ماذا قال، فإذا بالحجاج يقف له ويقول: أهلاً بأبي سعيد، أنت سيد العلماء، وما زال يقربه من مجلسه حتى أجلسه على سريره واستفتاه، وأكرمه، وعطره، وضيفه، وشيعه إلى باب القصر، السياف صُعق، لماذا جيء به؟! جيء به ليقتله، صُعق الحاجب، وتبعه، وقال له: يا أبا سعيد، ماذا قلت؟ قال له: قلت:
يا ملاذي عند كربتي، يا مؤنسي في وحشتي، اجعل نقمته علي برداً وسلاماً، كما جعلت النار برداً وسلاماً على إبراهيم
أيها الإخوة الكرام، كلمتان، والله لو رددت هاتين الكلمتين مليار مرة لا أرتوي منهما، الله كبير، وما مِن إلهٍ إلا الله، فهمكم كفاية، ما مِن إلهٍ إلا الله، ثم يقال لك: استعمار، صهيونية عالمية، الموساد، ما مِن إلهٍ إلا الله، والطريق إلى الصلح معه سالك، وهو ينتظرنا.
لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إلى، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بالمقبلين
[ورد في الأثر]
فرعون الذي قال
(فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى)
الذي قال:
(مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)
[سورة القصص: 38]
ماذا قال الله لموسى وأخيه هارون:
(اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلاً لَيِّناً)
[سورة طه]
ناجى أحدُهم ربه، وقال: يا رب، إذا كانت هذه رحمتك بمن قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف رحمتك بمن قال: سبحان ربي الأعلى؟ وإذا كانت رحمتك بمن قال:
(مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي)
[سورة القصص: 38]
فكيف رحمتك بمن قال: لا إله إلا الله؟ الله ينتظرنا، والأمر بيدنا، ونصرنا بينا، وصلاحنا بيدنا، والكرة في ملعبنا، أما أن تتمنى على الله الأماني فإن الأماني بضائع الحمقى، فمن أراد الآخرة سعى لها سعيها،
اللهم انصرنا على أنفسنا حتى ننتصر لك، حتى نستحق أن تنصرنا على أعدائنا
من نتائج معرفة أسماء الله الحسنى أن الله عز وجل عظيم جداً عندك، وكلما عظمت الذات الإلهية عندك خضعت له، ومقياس إيمانك خضوعك لله عز وجل، وأحياناً يتاح لك أن تأكل مليارات، ولست مداناً على وجه الأرض، لكن المؤمن والله لا يستطيع أن يأكل قرشاً واحداً،
والنبي عليه الصلاة والسلام وجد تمرة على السرير في غرفته، قال: يا عائشة، والله لولا أن أخشى أن تكون هذه التمرة من تمر الصدقة لأكلتها، يبدو أنه اشتهاها، تمرة، لكنه خشي أن تكون من تمر الصدقة، هكذا كان ورع النبي عليه الصلاة والسلام،
لذلك ركعتان من ورع خير من ألف ركعة من مخلط.
من لم يكن له ورع يحجزه عن معصية اللّه إذا خلا بها لم يعبأ اللّه بسائر عمله شيئاً
[رواه الديلمي عن أنس]
إذا عرفت أسماء الله الحسنى يكون الله عندك عظيماً، وإذا عرفت أسماء الله الحسنى يكون المخلوق عندك صغيراً، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
قال الحجاج لسعيد بن جبير: أنا سأقتلك، قال:
والله لو علمت أن حياتي بيدك لعبدتك، لكن حياتي ليست بيدك، بيد الله، ولو قتلتني أنا أموت في الوقت الذي أراده الله
يجب أن تؤمن أن الله قطع العباد عن الأرزاق والأعمار، لذلك كلمة الحق لا تقطع رزقاً، ولا تقرب أجلاً، قال تعالى:
(فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ)
[سورة الحجر]
لا تأخذك في الله لومة لائم، من أين تأتيك الشجاعة؟ من التوحيد، ومن معرفة أسماء الله الحسنى، من أين يأتي الجبن والنفاق؟ من ضعف التوحيد، ومن ضعف معرفتك بأسماء الله الحسنى.
الأثر الثالث: التوبةُ:
شيء آخر، معرفة أسماء الله الحسنى من نتائجها التوبة، لأن الله عز وجل ما أمرنا أن نتوب إليه إلا ليتوب علينا، لأنه رحيم بنا، وما أمرنا أن نستغفره إلا ليغفر لنا، وما أمرنا أن ندعوه إلا ليجيب لنا، معك دعاء وتحزن؟ معك أقوى سلاح في الكون، الدعاء سلاح المؤمن، معك الدعاء وتحزن؟
(وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ)
[سورة هود]
أمرك بيده، صحتك بيده، زوجتك بيده، رزقك بيده، أولادك بيده، مكانتك بيده، راحتك النفسية بيده، الرضى الذي ترضى به بيديه، أمنك بيده، خوفك بيده، لذلك أكبر ثمرة أو أكبر نتيجة سيئة للشرك:
(سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا)
[سورة آل عمران الآية: 151]
حينما تشرك يمتلأ القلب خوفاً فتنافق، تكذب، وتفعل كل المعاصي بدافع من خوفك الشديد، والخوف بسبب عدم معرفتك بالله عز وجل.
أيها الإخوة الكرام، وحينما تعرف الله تعرف أسماء الله الحسنى تدعو إليه، ولا تأخذك في الله لومة لائم، لا تجامل، لا تنافق، لا تقول: لا علاقة لي، لا تقول: أسلم لي ألا أدعو إلى الله، ترى أن الله معك، وأن الله بيده كل شيء:
(وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ)
[سورة الزخرف]
مرة ثانية ما من إله إلا الله، والله كبير.
أَحَبَّ راكب سيارة أن يبرز مهارته بالقيادة ، وفي الطريق جرو صغير على طريق المطار في أيام الشتاء، الطريق المعبد أدفأ من التراب، لونه أسود فيمتص الحرارة، فهذا الجرو الصغير جالس على طرف الطريق ويداه خرجت عن حجم جسمه بخمسة سنتمترات، فاستطاع هذا السائق الماهر أن يقص يديه فقط دون أن يقتله، وأطلق ضحكة هسترية، كان إلى جانبه رجلٌ أعرفه معرفة جيدة، وحدثني عن هذه القصة بأنه رآها بنفسه، قال: في يوم السبت المُوالي في هذا المكان أصاب العجلة عطب، فبدلها، في أثناء التبديل فسدت الرافعة، ووقعت العجلة بعد أن فكها من السيارة على رسغيه، والمركبة فوق العجلة، فهرست رسغاه، ذهبوا به إلى المستشفى فاضطروا لقطع يديه، يقسم بالله العظيم إنه بعد أسبوع فقَدَ يديه.
الله كبير، لسبب تافه يجعل الله الحياة جحيماً لا يطاق، ما مِن إلهٍ إلا الله، هذا التوحيد، وعدّ للمليار قبل أن تعصي الله، قبل أن تقتل حيوانا بغير ذنب، قبل أن تأكل مالاً حراماً، قبل أن تغش مسلماً.
هناك سائق سيارة حديثة، لكنه جاهل بميكانيكها، فيها خطأ بسيط يحل في خمس دقائق، أوهم المصلح صاحبها أن بها خللاً خطيراً يحتاج إصلاحها إلى أيام ثلاثة، وطلب منه عشرة آلاف ليرة، وهي تصلح تصلَّح في ثانية، قال لي جاره: أول يوم أخذ بها أهله إلى مصيف جميل، واليوم الثاني ذهب إلى طريق المطار، واليوم الثالث إلى مكان آخر، أصلحها في دقائق، واستخدمها أياماً ثلاثة، فعاتبه جاره، قال له: معقول؟ قال له: هكذا الشغل، أنت لا تفهم، يقسم لي بالله العظيم إنه بعد أيام دخلت نثرة من فولاذ في عين ابنه كلّفته عمليه نزعها ثلاثين ألفًا، الله كبير، فإياك أن تغلط مع الله.
سيدنا ابن عمر حينما التقى راعياً قال له: بعني هذه الشاة، وخذ ثمنها، قال له الراعي: ليست لي، يقول: قل لصاحبها: ماتت، أو أكلها الذئب، يقول الراعي: ليست لي، يقول له: خذ ثمنها، يقول له الراعي: والله إنني لفي أشد الحاجة إلى ثمنها، ولو قلت لصاحبها: ماتت، أو أكلها الذئب لصدقني، فإني عنده صادق أمين، ولكن أين الله؟
هذا الراعي لا عنده إنترنت، ولا عنده فضائيات، ولا عنده مكتبة ضخمة من الأرض إلى السقف، ما عنده هذا، وضع يده على جوهر الدين، والذي يستطيع أن يتكلم عشر ساعات من دون تحضير، وله معصية جاهل عند الله عز وجل، يستطيع أن يتكلم عشر ساعات، طليق اللسان، عندك معلومات غزيرة جداً، إذا ما كنت مستقيما فهذا الراعي أعلم عند الله منك، لذلك احفظوا هذا النص: كفى بالمرء علماً أن يخشى الله، وكفى به جهلاً أن يعصيه.
لو فرضنا منصبا دينيا رفيعا جداً، وهناك حاجب أمّيٌّ لا يقرأ ولا يكتب، وجاءت امرأة إلى صاحب هذا المنصب الرفيع، وملأ عينيه من محاسنها، وهذا الحاجب غض بصره عنها، لكنه أميّ، من هو العالم عند الله؟ هذا الحاجب، مقاييس الله غير مقاييسنا، مقاييسنا دكتوراه، وشهادات، ومؤتمرات، ومظاهر صارخة، هذه مقاييس البشر، لكن مقاييس خالق البشر شيء آخر.
الأثر الرابع: الدعوة إلى الله وعدم خشية الناس:
أيها الإخوة الكرام، الثمرة الرابعة: أنْ تدعو إلى الله، ولا تخشى إلا الله.
الأثر الخامس: مراقبة الله عز وجل:
الثمرة الخامسة مراقبة الله عز وجل، الله سميع، كلامك يسمعه، تقول كل يوم، سبعا وعشرين مرة تقريباً: سمع الله لمن حمده، الله سميع، ما تكلمتَ، تحركت فهو بصير، لا تحركت، ولا تكلمتَ، ضمرت في نفسك شيئا الله به عليم، فهو سبحانه سميع بصير عليم.
معرفة أسماء الله الحسنى تدعوك إلى مراقبة الله، تدعوك إلى تعظيم الله، فتطيعه، تدعوك إلى تعظيم أمره فتأتمر به، تدعوك إلى عدم تعظيم مخلوق يأمرك بمعصية، فإذا أمرك مخلوق بطاعة فعلى العين والرأس، تدعوك إلى عدم تعظيم مخلوق يأمرك بمعصية.
والشيء الخامس: أنك تراقب الله عز وجل، لذلك معرفة أسماء الله الحسنى أحد أكبر أجزاء العقيدة التي ينبغي أن تكون سليمة عندك.
والحمد الله رب العالمين
منقول عن: خطبة الجمعة – الخطبة 1054 : خ1 – الآثار المترتبة على معرفتك بأسماء الله الحسنى ، خ 2 – لا يخافن العبد إلا ذنبه ولا يرجون إلا ربه .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-11-09 | المصدر