الأحد، 24 يوليو 2016

خصائص النفس البشرية #التعريف_بالله


بسم الله الرحمن الرحيم
لو أردنا أن نتابع خصائص النفس.
أيها الإخوة الكرام، من أولى خصائص النفس:
1 – كل نفس ذائقة الموت:
الحقيقة الأولى في خصائص النفس: أن كل نفس ذائقة الموت
 
img  
2 – البشر من نفس واحدة:
من خصائص النفس أن الله خلق البشر من نفس واحدة، من خصائص واحدة، الإنسان هو الإنسان، في أي مكان وزمان،
يا داود، ذكر عبادي بإحساني إليهم، فإن النفوس جبلت على حب من أحسن إليها
[ورد في الأثر]
خصائص البشر واحدة، فأيّ إنسان على وجه الأرض يحب الجمال، ويحب الكمال، ويحب النوال، خصائص ثابتة، مسلم أو غير مسلم، ملحد، علماني، بعيد، قريب، أيّ نفس إنسانية تحب الكمال، قد يكون الذي يحب الكمال ناقصاً، قد يكون مجرماً قد يكون لصاً، يقول اللص لإخوانه اللصوص: اقسموا بالعدل، فطرته العدل، لكنه يخالف فطرته.
img
أيها الإخوة، خصائص النفس واحدة، تحب الكمال، أن تحب الكمال شيء، وأن تكون كاملً شيء آخر، أن تحب الرحمة شيء، وأن تكون رحيماً شيء آخر، الفطرة تعني أنك تحب الكمال، تحب العدل، تحب الإنصاف، تحب الكرم، تحب السخاء، تحب الرضا، خصائص البشر واحدة.
3 – الهلع:
من خصائص النفس البشرية أن الإنسان خلق هلوعا، ما معنى هلوع ؟ القرآن فسر الهلوع، قال تعالى:
(إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً)
[سورة المعارج]
إنّ طبيبًا فحص مريضًا معه ورم خبيث منتشر، قال له: هذا المرض ينهي أجلك بعد أربعة أشهر، تدبر وقتك، اكتبْ وصية، نظم أمورك، مات في اليوم الثاني،
قال تعالى:
(إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً)
[سورة المعارج]
يقلق على حياته، يقلق على رزقه، يقلق على من يلوذ به، قال تعالى:
(إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً)
[سورة المعارج]
لو لم يكن هلوعاً لما تاب إلى الله، لو أن الإنسان لا يخاف، فبلغوه بخبر ورم خبيث، خير إن شاء الله، ما من مشكلة، لا يتوب إلى الله، أما إذا لاح إلى الإنسان شبح مشكلة ـ لا سمح الله ـ عافاكم الله جميعاً، أنا والله من أدعيتي التي أتأثر بها: ” اللهم إنا نعوذ بك من عضال الداء، ومن شماتة الأعداء، ومن السلب بعد العطاء “، أكرموا عزيز قوم ذُلَّ، وغني افتقر، وعالم ضاع بين الجهال، لذلك خُلق الإنسان هلوعا، هذا ضعف في أصل خلقه لمصلحته،
ومعنى: إذا مسه الشر جزوعا، يقلق أشد القلق يطرب، لا ينام الليل، وإذا مسه الخير منوعا، لأنه إذا مسك الخير تكون منوعًا، فترقى بالصدقة، والمال محبب، قال تعالى:
(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْث)
[سورة آل عمران: 14]
لأن المال محبب، فبإنفاقه يرقى به، والشيء الذي لا تحبه إذا أنفقته هل تشعر برقي ؟
عندك ثوب بالٍ قديم لا ترتديه إطلاقاً، هو عبء عليك، ولا مكان له في البيت فتصدقت به، هل ترقى بهذا التصدق ؟ الشيء الجديد، الطعام الطيب، المال إن أنفقته تَرْقَ
4 – الضعف:
قال تعالى:
(وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً)
[سورة النساء]
خلق الله الإنسان ضعيفاً ليفتقر في ضعفه، فيسعد بافتقاره، ولو خلق قوياً لاستغنى بقوته، فشقي باستغنائه، لذلك أحياناً يكون الإنسان في حالات قوياً جداً، فيستغني بقوته عن الله، قد يكون غنياً جداً فيستغني بماله عن الله، والآية واضحة جداً:
(كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآَهُ اسْتَغْنَى)
[سورة العلق]
رأى نفسه مستغنياً عن الله عز وجل، لذلك بطولة المؤمن أنه مفتقر دائماً إلى الله عز وجل.
إذاً: من خصائص النفس أنها تذوق الموت ولا تموت، ومن خصائص النفس أنها خلقت من نفس واحدة، من صفات وسمات مشتركة بين كل البشر، ومن خصائص النفس أن:
(إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ)
[سورة المعارج]
5 – الحيادية:
لكن أيها الإخوة، هناك ملاحظة دقيقة جداً: أن كل خصائص الإنسان حيادية، بمعنى أنه يمكن أن ترقى بها على أعلى عليين، ويمكن أن تهوي بها إلى أسفل سافلين.
مثلاً: الإنسان يحب التقليد، إن قلدت مؤمناً ارتقيت، وإن قلد فاسقاً هلكت، التقليد حيادي، الإنسان يغار، إن غار من مؤمن حافظٍ لكتاب الله يرقى، وإن غار من إنسان غارق في الزنا يهلك، فالغيرة حيادية.
img

بالمناسبة، لأن الإنسان مخير فكل خصائصه حيادية، التقليد خصيصة، طفل يقلد أباه، وهو يصلي، وطفل إنسان فاسق يقلده، وهو يفسق، التقليد صفة حيادية، أساساً من صفات المؤمنين أن أولادهم في الأعم الأغلب مؤمنون، ومن صفات الكفار والفاسقين قال تعالى:
(وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً)
[سورة نوح]
فالطفل بحسب ما يرى يقلِّد، فالتقليد صفة في الإنسان، يمكن أن توظف في الخير أو في الشر، فإنْ صحبت المؤمنين تمنيتَ أن تكون مثلهم، وإن صحب الإنسانُ أهلَ الفسق والفجور تمنى أن يكون مثلهم، لذلك قال تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)
[سورة التوبة]
عش في أجواء إيمانية، عش مع المؤمنين، لا تصاحب إلا مؤمناً، لا تصاحب إلا من يرقى بك إلى الله حالُه، ويدلُّك على الله مقالُه، صفات الإنسان كلها حيادية، سمات الإنسان كلها حيادية، خصائص الإنسان كلها حيادية، يمكن أن تكون سلَّماً ترقى به، أو دركات تهوي بها، لذلك التقليد من خصائص الإنسان المؤمن
6 – التقليدُ:
قال تعالى:
(لقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْم الْآخِرَ)
[سورة الأحزاب]
غير المؤمن يقلِّد أهل الفجور والانحراف والفسوق والعصيان.
لذلك من خصائص الإنسان التقليد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه الإمام البخاري:
لا حَسَدَ إلا على اثْنَتيْنِ: رجلٌ آتَاهُ اللَّهُ القرآنَ فقام به آناء اللَّيل وَآنَاءَ النَّهارِ، ورجلٌ أعْطاهُ اللَّهُ مالا، فَهوَ يُنْفِقِهُ آنَاءَ اللَّيلِ وآناءَ النَّهارِ
[البخاري ومسلم]
هذا هو التقليد، إذا قلّدتَ مؤمناً في سَمته الحسن، في ورعه، في استقامته، في إنفاقه، في عبادته، ترقى عند الله، والذي يقلد فاسقاً يسقط من عين الله، ودائماً وأبداً هؤلاء النجوم والأعلام والقادة، مدير مستشفى، مدير مدرسة، معلم صف، إذا دخن أمام طلابه فقد أغراهم بالدخان، ويعاقَب مرتين، مرة لأنه أخطأ، ومرة لأنه قُلِّد مِن قِبَل مَن يراه كبيراً.
أيها الإخوة الكرام، الحسد مثلاً، الحسد أن تتمنى ما عند الآخرين، هذه خصيصة، لكنها حيادية.
التقيت مع مؤمن، رأيت سمته وأدبه، ومحبته لله، وتألق وجهه وورعه، وعلمه واستقامته، وأعماله الطيبة، تمنيت أن تكون مثله، لا حَسَدَ، أي لا غبطة إلا في اثْنَتيْنِ، إنسان ينفق ماله في الليل والنهار، وإنسان ينفق علمه في الليل والنهار، الصفة نفسها، الخصيصة نفسها، إذا تأملت حياة فاسق فاجر كل يوم في نادٍ، كل يوم في فندق، كل يوم مع فتاة، إذا استخدمت خصيصة التقليد تتمنى أن تكون مثلهم، إذاً: التقليد صفة حيادية.
والحمد الله رب العالمين
منقول عن:
العقيدة – العقيدة والإعجاز – الدرس (09-36) مقومات التكليف : الفطرة -1- الفطرة وخصائص النفس
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2007-07-22 | المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق