الأحد، 28 أغسطس 2016

آيات الله عز وجل في الآفاق #التعريف_بالله


بسم الله الرحمن الرحيم
آيات الله عز وجل في الآفاق:
أيها الأخوة الكرام، لاشكّ أنكم تستمعون في نشرات الأخبار إلى أخبار الاقتصاد العالمي، إفلاس البنوك، إفلاس كبار الشركات، انهيار أسعار البورصة.
من هذا القبيل هل خطر في بالكم أن هذه الأحداث، وأن هذه الأزمة التي سميت بالإعصار، أن هذا الإعصار المالي الذي أصاب العالم كله له علاقة بديننا؟
الله عز وجل ماذا يقول:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ (53))
[سورة فصلت]
والسين كما تعلمون سين الاستقبال، يعني الله عز وجل من حين إلى آخر يُظهر آياته، مثلاً:
صنعت باخرة في القرن الماضي، هذه الباخرة كتب في نشرتها أن القدر لا يستطيع إغراقها، على أنها صنعت على جدارين، وبين الجدارين حواجز، فأي مكان أصابه عطب أغلقت هذه الحواجز، فبنوا على هذه الطريقة بناء السفينة، هذه المقولة الشركية أن القدر لا يستطيع إغراق هذه السفينة، فغرقت في أول رحلة لها، وعلى متنها نخبة من كبار أغنياء أوروبا، والحديث عنها طويل،
قال بعض القساوسة: إن غرق هذه السفينة درس من السماء إلى الأرض.
صنعوا مركبة فضائية سموها المتحدي، يتحدون من؟ وبعد سبعين ثانية من إطلاقها أصبحت كتلة من اللهب.
أيها الأخوة، وآخر هذه الآيات انهيار النظام العالمي الغربي، انهيار النظام المالي العالمي الغربي، هذه كلمة قالها مدير البنك الدولي، وهو أكبر مؤسسة نقدية في العالم،
قال: لقد انهار النظام المالي الغربي،
والأخبار تترا كل يوم يوجد إفلاس شركات عملاقة، شركة السيارات في أمريكا (هي الأولى في أمريكا) بل إن النظام الاقتصادي قائم على هذه الشركة على وشك الإفلاس، شركات أخرى أفلست، بنوك عمرها يقدر بمئة وخمس وخمسين سنة أفلست، ما الذي حصل؟
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ (53))
[سورة فصلت]
آيات الله عز وجل ثلاث: كونية تكوينية و قرآنية:
بالمناسبة أيها الأخوة، الآيات أنواع ثلاثة:
1. آيات كونية هي خلق الله،
2. وآيات تكوينية هي أفعاله، احتراق المتحدي من آياته التكوينية، انهيار النظام المالي الغربي من آياته التكوينية، آياته الكونية الشمس والقمر، والليل والنهار، والمجرات، والسماء والأرض، والأطيار والأسماك والجبال والبحار والبحيرات، هذه آياته الكونية، أما آياته التكوينية أفعاله،
3. أما آياته القرآنية كلامه،
فأنت تعرف الله من آياته الكونية:
(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)
[سورة آل عمران]
أما آياته التكوينية دقق:
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
[سورة النحل]
النظر في أفعال الله عز وجل:
زعماء قريش الأغنياء الأقوياء حولهم كمٌّ كبير من الناس، أمرهم نافذ، عارضوا النبي عليه الصلاة والسلام وهو ضعيف في مكة، عارضوا أصحابهم، تفننوا بإذلالهم، بقتلهم، بالتنكيل بهم، حملوهم على الهجرة، ماذا كانت النتيجة؟ أن النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه في أعلى مقام في لوحة الشرف، وأن الذين ناصبوه العداء في مزبلة التاريخ:
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36))
[سورة النحل]
(قُلْ سِيرُواْ فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ)
[سورة الأنعام]
فرق كبير بين:
(فَانْظُرُوا)
وهناك آية ثانية:
(ثُمَّ انظُرُواْ)
قد يحلف الإنسان يميناً كاذبة، أقسم لي أحد الأخوة المحامين، قال لي أمامي منشأة يزيد ثمنها عن سبعين مليون، هناك دعوى تنتقل ملكية هذه المنشأة من صاحبها الحقيقي إلى إنسان مفترٍ لكنه يحتاج إلى شهادة زور، فالذي شهد هذه الشهادة الحاسمة وضع يده على كتاب الله وقال الشهادة الكاذبة، يقسم لي هذا المحامي أنه رفع يده عن كتاب الله وأبقاها مرفوعة فانزعج منه القاضي، قال: أنزل يدك، كان ميتاً حينما وقفت يده أعلى من المصحف توفاه الله لكن إمساكه للمنضدة ثبته، بعد قليل وقع على الأرض، قال أمامي رأيتها، هذه:
(فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا)
الفاء تعني الترتيب على التعقيب،
أما ثم تعني الترتيب على التراخي، أحياناً يعيش بعد هذا المال الحرام عشرين عاماً ثم يقصمه، وهذا النظام المالي عمره يقدر بخمسين عاماً، يتنامى، يتنامى، يتنامى، هو النظام الذي جاء به الغرب، لكن الله عز وجل في آية قطعية الدلالة قال:
(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)
[سورة البقرة الآية: 286]
آيات الله الدالة على عظمته تتوالى كل فترة على الإنسان:
أيها الأخوة، الآيات التكوينية كما في قوله تعالى:
(سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ (53))
[سورة فصلت]
تتوالى علينا، كل فترة هناك آية من آيات الله الدالة على عظمته، سواحل جنوب شرق آسيا تجتذب نخبة أغنياء العالم، الفجور، الشذوذ، الزنا، الذين يأتون هم أعلى مستوى بالغنى في العالم الغربي، كانوا ينزلون في منتجعات من فئة العشر نجوم، فأراهم الله النجوم ظهراً في هذه الأمكنة، قصة طويلة تأكدوا أنه من حين لآخر يُظهر الله آياته:
(سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ (53))
[سورة فصلت]
(أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53))
[سورة فصلت]
الأزمة الطاحنة المزلزلة في هذه الأيام ليست أزمة ولكنها سكرة الموت للنظام الغربي:
أيها الأخوة، يقولون: هي أزمة تنقضي والحقيقة هي سكرة الموت، هناك مرض تشفى منه هذا مرض عادي، وهناك مرض الموت هذا المرض لا شفاء منه، برأي بعض العلماء الاقتصاديين أن هذه الأزمة العالمية المالية ليست أزمة تنقضي ولكنها سكرة الموت لهذا النظام، والآن تتعالى الأصوات للبحث عن النظام الإسلامي الاقتصادي.
أيها الأخوة، الحقيقة الأولى: إن هذه الأزمة الطاحنة المزلزلة التي هي كالإعصار أو بعضهم سماها تسونامي المال، هذه الأزمة ليست أزمة ولكنها سكرة الموت،
لو تسرب إلى هذا النظام بعض الأخطاء اجتمعوا قبل يومين لإزالة هذه الأخطاء، خطأ، ليس الخطأ تسرب إلى هذا النظام، بل هذا النظام مبني على خطأ، الخطأ في هيكله، في بنيانه، فلذلك انطبقت عليه الآية الكريمة:
(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا)
[سورة البقرة الآية: 286]
من سنن الله عز وجل أنه يكافئ بعد حين ويعاقب بعد حين لحكمة منه:
أيها الأخوة، من سنن الله عز وجل أن الله يكافئ بعد حين ويعاقب بعد حين، ولو جاءت المكافأة فور العمل الصالح لأقبل أهل الأرض على العمل الصالح من دون إيمان بالله ولا إيمان بالجنة، مثلاً لو أن شخصاً دفع ألف ليرة جاءه مئة ألف بعد ثانية، لرأيت الملحدين ينفقون آلاف الليرات، لكن لحكمة أرادها الله تفعل أعمالاً صالحة كثيرة ولا ترى شيئاً، حينما يعلم الله صدقك، وثباتك، وإخلاصك، بعد حين يكافئك، وهذا أقوله لكل واحد منكم إذا اتخذ قراراً خطيراً يعمل بعمل فيه شبهة، الدخل كبير، أما العمل لا يرضي الله عز وجل، فإذا ترك هذا العمل ورضي بدخل يسير قد يبقى سنوات وسنوات بدخل يسير، والمسافة كبيرة جداً بين الدخل الذي تركه خوفاً من الله وبين الدخل الذي بقي له بعد التوبة إلى الله، بعد أن يعلم الله صدقك، بعد أن تدفع ثمن هذا القرار البطولي يكافئك الله، لا تنتظر شيئاً بعد دقيقة:
(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ (28))
[سورة التوبة]
بطولة المؤمن أن يعتمد التفسير الإلهي في تحليل الأحداث:
أيها الأخوة، عندنا خطآن كبيران، خطأ في السلوك وخطأ في الفهم، وأنا أرى أن الخطأ في الفهم أكبر وأخطر من الفهم في السلوك، يعني هذا الانهيار للنظام المالي إذا فهمناه شيئاً عارضاً يصيب كل الأنظمة، إذا فهمناه أن هناك أخطاء تسربت إلى هذا النظام وعلينا أن نزيحها عنه هذا خطأ في الفهم، هذا الخطأ في الفهم يدفعنا أن نتابع الخطأ، أخطر شيء أن تخطئ الفهم، يعني الآن الأحداث التي ترونها في الأخبار يراها جميع أهل الأرض بماذا نحن نتفاوت كمؤمنين؟ بتفسيرها،
مثل قريب من حياتنا بلد مجاور عانى من حرب أهلية عشر سنوات، وذهب ضحية هذه الحرب ثلاثمئة ألف إنسان، هذه الحرب الأهلية لها تفسير دولي أن مركز هذا البلد المالي نما نمواً كبيراً، فنافس المراكز المالية في الغرب، فالغرب أراد تحطيم هذا البلد، هذا تفسير دولي، هناك تفسير عربي، أن كل جهة عربية لها في هذا البلد مراكز قوى فكان بينها صراع، هناك تفسير طائفي بين طائفتين كبيرتين في هذا البلد حروب سابقة طويلة الأمد، لكن البطولة أن تعتمد التفسير الإلهي:
(وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)
[سورة النحل]
أنت كمؤمن بطولتك أن تعتمد التفسير الإلهي، الآن الأحداث التي أمامنا والتي حولنا لها مئات التفسيرات، مثلاً أي صحيفة فيها مئات التحليلات، تحليلات تسمعها في الأخبار، تراها في بعض المحطات، تقرأها في الصحف، بطولتك كمؤمن أن تعتمد التحليل القرآني.
أكبر مصيبة ألا يفهم الإنسان على الله حكمته من تأديب الناس:
لذلك أيها الأخوة، احفظوا هذا النص
من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر
يأتيه تأديب من الله على كسب حرام، أو على سلوك حرام، يقول لك: الدهر يومان يوم لك ويوم عليك، يقول: القدر سخر مني، جاءت الأمور على خلاف ما أريد:
ما كل ما يتمنى المرء يدركه***تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
هناك تفسيرات لمعالجات إلهية واضحة جداً، أكبر مصيبة ألا تفهم على الله حكمته من تأديب الناس،
لذلك أخطر من المصيبة ألا تفهم معنى المصيبة،
من لم تحدث المصيبة في نفسه موعظة فمصيبته في نفسه أكبر
هذا النظام المالي الذي انهار ما سبب انهياره؟
التصميم الإلهي للكتلة النقدية أن تكون متداولة بين كل الناس:
أيها الأخوة، هناك سلعة وهناك ثمن، هذه ثمنها خمس ليرات، هي سلعة نستخدمها أحياناً في نقل الأوراق، يمكن أن تتاجر بهذه السلعة والتجارة حلال والربح حلال، أما أن تتاجر بثمنها، الثمن لا يتاجر به، يعني لا يمكن للأموال أن تلد المال، ما هو الربا؟ المال يلد المال أما الأعمال تلد المال، إنسان معه مئة مليون أقام مشروع بناء سكني، هل تصدقون هناك مئتا حرفة متعلقة ببناء البيوت، الذي أنفق مئة مليون لمشروع بناء ضخم ليبيعه وانتفع لكن كم حرفة عملت معه؟ كم إنسان عمل معه؟ ربحه الكبير وزع شاء أم أبى على أكبر شريحة من الناس، فحينما تلد الأعمال المال توزع الأموال على أكبر شريحة بالمجتمع، لذلك التصميم الإلهي للكتلة النقدية أن تكون متداولة بين كل الناس، الآية الكريمة:
(كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُم)
[سورة الحشر الآية: 7]
يعني أخطر شيء بالمال كما هو الحال في الأرض عشرة بالمئة من سكان الأرض يملكون تسعين بالمئة من ثروات الأرض، تجد الإنفاق في العالم الغربي يفوق حدّ الخيال، يعني إنسان يشتري طائرة ثمنها ثلاثمئة مليون دولار، تتسع لألف راكب، هي مدينة تطير في الهواء، لمتعته هو وحده؟! الإنفاق يفوق حد الخيال،
فلذلك: عشرة بالمئة من ثروات الأرض بيد تسعين بالمئة من دول الجنوب الفقراء، يعني صنعوا من الذرة، من فول الصويا وقوداً لطائراتهم، ارتفعت أسعار الغذاء الذي هو ملك الفقراء عشرة أمثال، هذا التأديب الإلهي الأغنياء يزدادون غنىً والفقراء على وشك الموت من الجوع، هذا الظلم العالمي كما قال عليه الصلاة والسلام:
تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً حتى يأتي أخي عيسى فيملؤها قسطاً وعدلاً
[ابن ماجه عن عبد الله بلفظ قريب منه]
تحريم المتاجرة بالثمن و السماح للمتاجرة بالسلعة:
أيها الأخوة، ما سمح الشرع بالمتاجرة بالثمن بل سمح بالمتاجرة بالسلعة، ما سمح الشرع للمال أن يلد المال سمح للأعمال أن تلد المال، الآن إذا ولدت الأعمال المال توزع المال بين أكبر شريحة بالمجتمع،
أنا سمعت عن معمل سيارات بفرنسا يتعامل مع مئتي معمل، حينما تسمح للأعمال أن تلد المال،
إنسان أقام في محافظة بالجنوب مزرعة تفاح كبيرة جداً فهو مضطر أن ينزل هذا الإنتاج إلى السوق، عندما أنزل مئات الأطنان إلى السوق السعر انخفض انتفع به الناس جميعاً، أما لو وضع ماله في البورصة ما انتفع أحد في بلده انتفع وحده، يعني هل تصدقون أن ثمانية وثلاثين ألف إنسان دخلوا المستشفيات في بلد عربي إسلامي بأزمات قلبية بثمن خسائر تقدر بثمانين مليار دولار بالبورصة.
أيها الأخوة الكرام، أوضح مثل تجارة البناء، مئتا حرفة متعلقة بهذه التجارة، فأنت إذا أقمت مشروعاً طبعاً هناك متاعب، هناك مخاطر لكنك وفق منهج الله، لكنك وزعت ربحك على أكبر شريحة في المجتمع، أنت بهذه الطريقة حققت أصل التصميم الإلهي للكتلة النقدية:
(كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ)
[سورة الحشر الآية: 7]
تحريم بيع الدَّين في الإسلام:
أيها الأخوة، يعني ببساطة ما بعدها بساطة أول بنك أعلن إفلاسه عمره يقدر بمئة وخمس وخمسين سنة، هذا يعطي أعلى فائدة في العالم مختص بشيء واحد، مختص بشراء الديون ونحن ببساطة ما بعدها بساطة ممنوع في الإسلام أن تبيع الدين، الدين لا يباع أصلاً، فهذا البنك يشتري الدين على أنه سلعة، هذا مال، استحقاق، صار سلعة، باعه لبنك آخر، أحياناً يباع الدين لخمسين بنك آخر، تتشكل ثروات وهمية ليس لها وجود، لأوضح لكم الحقيقة، شركة رأسمالها مئة مليون دولار، هناك أساليب تعرض أسهمها بشكل مفاجئ أسعارها تهبط، يأتي الحيتان العمالقة يشترون كل هذه الأسهم بعد انخفاض قيمتها، ثم يرفضون البيع الأسعار تصعد، كان السهم بخمسة دولارات صار بمئة دولار، فكل واحد معه مئة سهم شعر أن أرباحه تضاعفت عشرة أضعاف، فهذه الشركة من خلال التداول والعقود وبيع الأسهم وشراء الأسهم أصبح رأسمالها عشرة آلاف مليون، كان رأسمالها مئة مليون صار عشرة آلاف مليون، الآن أي هزة مالية، أي قلق من أصحاب هذه السندات إذا أرادوا أن يبيعوا هذه السندات الشركة معها فقط عشرة ملايين، أما بالتداول والبيع والشراء والإيهامات والاحتيالات صار رأسمالها مئة ألف مليون هنا الأزمة، مال وهمي، العالم كله يتعامل بمال وهمي، كلها أرقام على الدفاتر لكن لا يوجد شيء حقيقي، الحقيقي المبلغ النقدي الذي دفع.
تطبيق منهج الله عز وجل ينجي المسلم من الوقوع في هذه الأزمة:
أيها الأخوة، أريد أن أوضح قضية، عندنا سعران، سعر العرض والطلب وهو الحقيقي، وسعر التداول، البترول قفز من خمسين إلى مئة وخمسين، هذا ارتفاع عقود لا ارتفاع عرض وطلب، فلما توقفت هذه العقود عاد السعر إلى خمسين، الخمسون سعر البترول المحروق المستخدم الآن، نحن عندنا سعر عرض وطلب حقيقيين وعندنا سعر تداول واحتيال، الذي حصل أن العالم جمع ثروات طائلة عن طريق الإيهام، وإعطاء ميزانيات كاذبة عن طريق العقود المتراكمة المتتابعة، صار هناك تضخم نقدي كبير، عندما صار هناك أزمة بالسكن، البيوت التي شريت عن طريق البنوك وانكشف الأمر ضعفت الثقة، أقبل الناس على البنوك ليأخذوا أموالهم البنك ليس معه، هذه الأزمة كلها.
يعني أيها الأخوة، هذه الأزمة المسلمون في منجاة منها لو طبقوا منهج ربهم، أما المسلمون الذين لم يطبقوا منهج ربهم أصابتهم كما أصابت غيرهم.
أيها الأخوة، بشكل منطقي لو فرضنا سعر القمح فرضاً عشر ليرات، أهل الأرض ستة آلاف مليون والإنتاج السنوي معروف، متى يرتفع السعر إلى عشرة أضعاف؟ بقانون العرض والطلب بحالتين إما أن يتضاعف سكان الأرض عشرة أمثال أو أن يقل الإنتاج للعشر، إذا الإنتاج قلّ للعشر أو السكان تضاعفوا عشرة أضعاف يرتفع السعر عشرة أضعاف، أما سكان الأرض هم هم والإنتاج هو هو، والارتفاع عشرة أضعاف لماذا؟ باحتيال، بمؤامرة، بأساليب لا ترضي الله عز وجل فكان العقاب أليماً.
أيها الأخوة الكرام، الدول التي رفعت سابقاً شعار لا إله، وآمنت بالمجموع ولم تؤمن بالفرد، أفلس نظامها الاقتصادي كما تعلمون، دول الشرق نظامها الاقتصادي أفلس ولم يحقق أي غاية من غايات النظام، بقي النظام الآخر الغربي عملاقاً، الآن كشف الله زيف هذا النظام والدول التي آمنت بالفرد أفلس نظامها الاقتصادي الربوي أيضاً.
النظام الاقتصادي الإسلامي أساسه العمل الصالح وتحكمه القيم الأخلاقية:
أيها الأخوة الكرام، قال بعض علماء الغرب لم يبق للعالم كله إلا النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يحرم المتاجرة بالنقد.
الإسلام يحرم المتاجرة بالنقد، إنه الربا، ويحرم شراء الدين وبيعه، ويحرم الربح الثابت لأن فيه ظلماً لأحد الطرفين، هذا التحريم يجب أن تعلموا علم اليقين ليس من عند النبي عليه الصلاة والسلام، ولا من اجتهاده، ولا من بيئته، ولا من معطيات العصر:
(إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى)
[سورة النجم]
هناك شيء آخر والنظام الاقتصادي الإسلامي يحرم المتاجرة بالمحرمات، أي مشروع متعلق بالزنا محرم، أي مشروع متعلق بالخمر محرم، من لوازم هذا النظام يحرم الربح الثابت، يحرم المتاجرة بالنقد، يرحم بيع الدين وشراءه، يحرم المتاجرة بأية قضية متعلقة بالمحرمات كالزنا والخمر،
لذلك الآن هناك أصوات تعلو في الغرب لإقامة نظام اقتصادي على المنهج الإسلامي، السؤال الدقيق هل ينجح الغرب لو أقام منهجاً إسلامياً؟ الجواب لا، لماذا؟ لأن النظام الاقتصادي الإسلامي جزء من النظام الإسلامي العام، والنظام الاقتصادي الإسلامي أساسه العمل الصالح، وتحكمه القيم الأخلاقية، كل هذا ينبع من عقيدة إسلامية، ومن تصور إسلامي صحيح، في عقيدة صحيحة مع تصور إسلامي صحيح ينتج عنه اقتصاد أساسه العمل الصالح.
مثلاً لو أن أي موظف يقبل العمل بأي معمل بستة آلاف ليرة في الشهر الآن، وهناك معمل أرباحه بالملايين فقرر أن يتخلى عن ثلاثين مليوناً من أرباحه، ويعمل عشرين ألفاً راتب الموظف عنده، هذا المسلم، اقتصاده عمل صالح يتخلى عن ثلاثين مليوناً ربح ويعطي العمال عشرين ألفاً بالشهر كحد أدنى، أما إذا قبل شخص أن يشتغل معك بستة آلاف، مضطر، ويقبل بخمسة، لكن أنت تستطيع أن تعطيه عشرين ألفاً، أن تعطيه خمسة وعشرين ألفاً، طبعاً يخف ربحك كثيراً، يجب أن تؤمن معي أن الاقتصاد الإسلامي أساسه العمل الصالح، أنت تعيش في الدنيا وهناك آخرة، هناك جنة، لذلك أروع ما في هذا النظام أن العمل الصالح جزء منه، في عرض وطاب، هناك رواتب يقبلها الناس تقدر بستة أو سبعة آلاف الآن وهناك راتب يكفي الإنسان أقل شيء عشرين ألفاً، فالذي يؤمن بالله واليوم الآخر يتخلى عن أرباحه العالية ويعطي من حوله ما يستحقون.
أيها الأخوة، يجب أن يكون لك عقيدة سليمة، تصور إسلامي صحيح، ينتج عنه قيم أخلاقية، ينتج عنه نظام إسلامي أساسه العمل الصالح، عندئذ ينجح النظام الإسلامي الاقتصادي في إسباغ الرخاء والكفاية على كل الناس.
والحمد الله رب العالمين
منقول عن: خطبة الجمعة – الخطبة 1107 : خ1 – آيات الله في الآفاق ، خ 2 – أربعة أحاديث بشارة للمؤمن .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-04-03 | المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق