الأربعاء، 17 أغسطس 2016

كيف نفهم #القرآن

1215


بسم الله الرحمن الرحيم
معاني القرآن محجوبه إلا عن المؤمنين:
أيها الأخوة الكرام، الحقيقة أن هناك آيات تؤكد أن الإنسان إن لم يكن مؤمناً بالحد الأدنى لا يمكن أن يفهم هذا الكلام، لقوله تعالى:
(وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى (44))
[سورة فصلت]
(وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82))
[سورة الإسراء]
بل إن الله عز وجل حينما قال:
(لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79))
[سورة الواقعة]img
 
هذه اللا ليست ناهية ولكنها نافية، لو أنها ناهية تفيد النهي، لكانت الآية لا يمسسه الفعل المضارع المضعف الآخر إذا جزم فك إدغامه، فالمعنى لو أن اللا ناهية لا يمسسه، أما لأن هذه اللا ليست ناهية أي ليست جازمة هي نافية ليس لها عمل نحوي، الآية جاءت لَا يَمَسُّهُ . فاللا تنفي كيف؟
للتقريب طريق موضوع لوحة ممنوع المرور لكن الطريق مفتوح وسالك وبإمكان أي إنسان ألا يعبأ بهذا النهي لكن يدفع الثمن في مخالفة والآن باهظة جداً، هذا هو النهي في لوحة وفي نهي لكن بإمكانك أن تعصي، أما لو وضعت على هذا الطريق أربعة مكعبات إسمنتية، ارتفاع المكعب متر على عرض الطريق هذا ليس نهياً، هذا منع، فالمنع شيء والنهي شيء آخر، أنت بالمنع هذا الإنسان لا يستطيع أن يخالف منعته أن يخالف، لكن بالنهي بإمكانه أن يخالف، عندنا لا ناهية، ولا نافية، لا النافية فيها منع أما لا الناهية فيها تحذير، فبعد لا الناهية بإمكانك أن تعصي مقابل هذه المعصية هناك عقاب طبعاً، كقانون المرور الطريق مفتوح لكن ممنوع المرور فإذا مررت فهناك من يحاسبك، أما إذا في مكعبات إسمنت مسلح ارتفاعها متر هذا ليس نهياً هذا منع، فإذا قال الله عز وجل:
(لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (79))
[سورة الواقعة]
يعني هذه المعاني التي ينطوي عليها القرآن الكريم لا يمكن أن تصل إليها إلا إذا كنت طاهراً.
دليل آخر، القرآن الكريم:
(وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198))
[سورة الشعراء]
لو جاء إنسان من بلاد بعيدة يتكلم لغة التبت مثلاً وقرأت عليه القرآن هل يفهمه؟
(وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ عَلَى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ (198) فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ مَا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ (199) كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ (200))
[سورة الشعراء]
القرآن الكريم بالكلام العربي المبين لو قرأه إنسان مجرم لا يفهم منه ولا كلمة، أتيتكم بأدلة لأثبت لكم أن هذا القرآن الكريم ينتفع به المؤمن، ينتفع به الطائع، ينتفع به المخلص.
لذلك من أروع ما قال الصحابة الكرام:
لقد عشت برهة من دهر وإن أحدنا يؤتى الإيمان قبل القرآن
بعد الإيمان بالله يكون الإيمان بكتابه الإيمان الذي يُفضي إلى تطبيق ما فيه:
إن آمنت بالله الآن تنتفع من كتاب الله، ينبغي أن تؤمن بالله أولاً الترتيب المنطقي هذا الكون هو الثابت الأول، كل شيء فيه ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، كل شيء فيه من دون استثناء ينطق بوجود الله ووحدانيته وكماله، فهو الثابت الأول وبإمكانك من خلال العقل الذي أكرمك الله به ومبادئ العقل مبدأ السببية، مبدأ الغائية، مبدأ عدم التناقض، من خلال هذه المبادئ، ومن خلال قوانين الكون، أنت تؤمن بوجود الله، ووحدانيته، وكماله، لكن كيف تؤمن بكتابه؟ أنا أتمنى على أخوتي الكرام أن يقفوا موقفاً حازماً، هذا الكتاب كلام الله
img
 
الإمام الغزالي قال: يا نفس لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها، لا شك أنك تمتنعين، يعني أي إنسان صار معه بوادر أزمة قلبية، وقال له الطبيب: هذا الطعام لا يناسبك، لابدّ من تغير نظام غذائك كلياً، حرصاً على بقائه وعلى حياته يلتزم، هناك أكلات مغرم بها لا يأكلها، أنا أذكر مرة جالسين في سهرة وهناك حلويات نفيسة جداً لكن فيها دهون عالية، أحد الأخوة الحاضرين طبيب قلب امتنع أن يأكل فلما دعاه صاحب البيت أن يأكل قال: والله أحب هذا الطعام أكثر منكم لكن بحكم عملي من كثرة ما أرى الشرايين مسدودة وعمليات قلب وتوسيع شرايين أكره هذا الطعام.
هذه اسمها كراهة عقلية، فالإنسان أحياناً إذا في شيء يؤذيه ولو أنه يحبه يمتنع عنه،
الإمام الغزالي خاطب نفسه قال:
يا نفس لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها، لا شك أنك تمتنعين، الآن دقق، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله؟ إذاً فما أجهلك
طبيب ينهاك عن هذه الأكلة تلتزم، وإله خالق السماوات والأرض ينهاك عن هذا الشيء ولا تنتهي، ماذا عند الطبيب من وعيد؟ يقول له: لو أكلت المرض يزيد، هذا أقصى ما عند الطبيب، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله؟ وعيد الإله في جهنم وعيد الطبيب ما في موت لكن المرض يزداد، والله كلمة رائعة جداً، يا نفس لو أن طبيباً منعك من أكلة تحبينها، لا شك أنك تمتنعين، أيكون الطبيب أصدق عندك من الله؟ إذاً فما أجهلك، أيكون وعيد الطبيب أشد عندك من وعيد الله إذاً ما أكفرك، فكل إنسان يعصي مدموغ بالجهل والكفر.
عدم التطبيق ووقوع الوعد والوعيد دليل أن هذا القرآن الكريم كلام الله:
img
 
أيها الأخوة، من أدلة أن القرآن الكريم كلام الله تحقق الوعد والوعيد،
كلكم سمع عن انهيار النظام المالي العالمي، نظام بالوصف السابق عملاق يأخذ به العالم كله، قروض ربوية بلا حدود، الديون تباع بلا حدود، النمو مخيف، كل شيء يزداد سعره، الأغنياء حققوا أرباحاً خيالية، فجأة هذا النظام انهار، انهار في العالم كله، الآن هناك مشكلة بالعالم لم يصب بمثلها من عام ألف و تسعمئة وتسعة وعشرين، يعني تقريباً من ثمانين سنة لم يصب العالم بأزمة كهذه الأزمة، انهيارات مالية، إفلاس شركات عملاقة، شركات السيارات في أمريكا عملاقة على وشك الإفلاس، شركات السيارات في أوروبا أفلست وأغلقت أبوابها ديون، ماذا قال الله عز وجل؟
(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276))
[سورة البقرة:276]
ما دليل أن هذا القرآن الكريم كلام الله؟ وقوع الوعد والوعيد:
(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ)
[سورة البقرة الآية: 286]
صدقوا أيها الأخوة، الآن خبراء العالم الكبار الاقتصاديون يدرسون جدياً النظام المالي الإسلامي، يعني النبي عليه الصلاة والسلام كلمة قالها، نهى عن بيع الدين، هذا النهي ليس من خبرته، ولا من اجتهاده، ولا من تصوره، ولا من معطيات عصره، ولا من رأيه، ولكنه وحي يوحى، أول بنك أعلن إفلاسه هو أكبر بنك في العالم، عمره مئة وخمس وخمسون سنة، ومرت أزمات طاحنة لم يتأثر بها هذا البنك يشتري الديون، يعني أنت عندك شركة سيارات بائع بمئة مليون سيارات، معك سندات كلها بالتقسيط، صاحب هذه الشركة يأتي لهذا البنك يبيعها السندات قيمتها مئة مليون يعطيه تسعين مليوناً ما عاد له علاقة، البنك يبيع الدين مرة ثانية، وثالثة، ورابعة، وخامسة، وسادسة، الدين يباع خمسين مرة، هذا البنك العملاق الذي هو أكبر بنك في العالم، وأقدم بنك في العالم، وأكثر البنوك صموداً أمام الأزمات انهار وفلس على سبعمئة مليار:
(يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا (276))
[سورة البقرة:276]
وقوع الوعد والوعيد.
الذي ينجينا هو تطبيق القرآن كلام الله:
والله الآن مع حفظ القرآن الكريم وهي عبادة، ومع تلاوة القرآن الكريم، ومع فهم القرآن الكريم، ولكن الذي ينجينا أن نطبق القرآن الكريم، لكن الذي ينجينا أن يكون داخلاً في حياتنا، الله لم يريد أن يكون القرآن عند المسلمين كتاباً مقدساً ليس غير، أراده أن يكون منهجاً لهم، كل إنسان عنده أشياء مقدسة، فحينما نكتفي بأن نعظم هذا الكتاب ككتاب مقدس، حينما نقول إنه كتاب معجزة، حينما نقول إنه كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه لا ننتفع به، يعني لو أن إنساناً معه مرض جلدي، وعلاجه الوحيد التعرض لأشعة الشمس، وجلس في غرفة قميئة وظلمة، وقال: يا لها من شمس ساطعة، يا لها من شمس عظيمة، يا لها من أشعة شافية، هل يشفى؟ أنا أضع يدي الآن على مشكلة المسلمين الأولى، القرآن الكريم هجره المسلمون، هم يقرؤونه ويجودونه ويطبعونه لكنهم هجروا تعاليمه.
مرة قال لي شخص (كنت أمشي في أحد الأسواق فدعاني إلى الدخول على محله التجاري ): جاءني خاطب لابنتي، قال: ما شاء الله شكل، وذكاء، وغنى، وعنده معمل، وبيت، وسيارة، وشاب بالتعبير المصري لقطة، قال لي ما قولك؟ قلت له: أنت عندما تقرأ القرآن الكريم وتنتهي من تلاوته ماذا تقول؟ قلت له تقول صدق الله العظيم، أيام تقبل المصحف في من يقبله مرة واحدة في من يقبله من ست وجوه ويقول صدق الله العظيم، قلت له: أنت إذا أعطيت ابنتك لهذا الشاب الوسيم الغني الذي يعد من أفضل الأزواج لابنتك بمقاييس الدنيا، هناك مقاييس، من غفل عن الله لا يكون صدق الله، كلمتك صدق الله العظيم ليست صحيحة، لأن الله عز وجل يقول:
(وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)
[سورة البقرة: من آية 221]
ثم علمت فيما بعد أنه زوجها إياه، وبعد فترة محدودة طلقها، كيف طلقها؟ كانت معه في مصيف اختلف معها فتح الباب وركلها بقدمه في الطريق، وعادت بمفردها إلى مدينتها البعيدة.
(وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ)
[سورة البقرة: من آية 221]
أنا أقول يجب أن تواجه الحقيقة المرة حينما لا تكون أحكام القرآن مطبقة عندك فلا قيمة لتلاوة القرآن، ولا لحفظه، لأنك في السلوك تكذبه.
يعني إنسان مريض ذهب إلى طبيب وصف له دواء، هذا الدواء كتب على وصفة طبية، يا ترى هذا المريض لو قرأ هذه الوصفة هل يشفى؟ لو قرأها قراءة رائعة أعطى كل حرف مخرجه هل يشفى؟ لو فهم ترتيب الدواء هل يشفى؟ لا يشفى إلا إذا أخذ الدواء، فالفرق كبير جداً بين أن تعمل بالقرآن وبين أن تقرأه، مع أن قراءة القرآن عبادة، مع أن الاعتناء بالقرآن عبادة، مع أن تلاوته وفق قواعد اللغة عبادة، مع أن تلاوته وفق قواعد التجويد عبادة، مع أن فهمه عبادة، لكن أين يكمن الخطر؟ في ألا تطبقه، أعيد عليكم مثل الوصفة: مريض يعاني من مرض خطير ذهب إلى طبيب كتب له وصفة، إن قرأ المريض الوصفة لا يشفى، إن قُرأت بصوت جهوري المريض لا يشفى، إن قُرأت بنغم المريض لا يشفى، إن فهم تركيب الدواء المريض لا يشفى، يشفى بحالة واحدة إذا أخذ الدواء،
لذلك ورد في بعض الآثار:
ما آمن بالقرآن من استحل محارمه
[الترمذي عن صهيب]
ورد في بعض الآثار النبوية:
ورُبَّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه
[ورد في الأثر]
أنا أتمنى أن تجمع بين الحفظ والتلاوة وبين العمل بالقرآن الكريم، لكن لو أنك ستفعل أحد الشيئين الأولى أن تطبق القرآن الكريم لأنه لمجرد أن تطبق أحكامه تتألق.
دعوة الله عز وجل الإنسان إلى تدبر آيات القرآن الكريم:
يقول ابن القيم رحمه الله: تحديق الناظر في القرآن الكريم وتأمله في معانيه وجمع الفكر على تدبره وتعلقه هو المقصود من إنزاله، الدليل أربع آيات:
(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29))
[سورة ص]
آية ثانية:
(أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24))
[سورة محمد]
آية ثالثة:
(أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ (68))
[سورة المؤمنون]
آية رابعة:
(إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (3))
[سورة الزخرف]
بأربع آيات يدعونا الله عز وجل إلى تدبر القرآن الكريم.
ما التدبر؟ تعلمون يقيناً أن معنى التلاوة:
(يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ)
[سورة البقرة الآية: 121]
حق تلاوته أن تتلوه وفق قواعد اللغة العربية، ثم أن تتلوه وفق قواعد التجويد إن أمكن، ثم أن تفهمه، ثم أن تتدبره، ثم أن تعمل به،
ما معنى التدبر؟ تعرض نفسك على الآية أين أنت منها:
(وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11))
[سورة الواقعة]
هل أنت منهم؟
(وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي)
[سورة طه]
هل أنت منهم؟
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2))
[سورة الماعون]
لا لست منهم، كلما قرأت آية تعرض نفسك عليها أين أنت منها؟ هناك إنسان قرأ الآيات التي تتحدث عن الأتقياء المخلصين المتفوقين قال: أنا لست منهم، والآيات التي تتحدث عن الكفار والمنحرفين، قال: أنا لست منهم، فقرأ قوله تعالى عن أناس خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً، قال: أنا من هؤلاء.
التدبر أن تعرض نفسك على أية آية تقرأها أين أنت منها؟ هل أنت مطبق لها؟ هل وصف الله للمؤمنين ينطبق عليك؟
الله عز وجل خلق الأكوان ونورها بالقرآن:
هذا القرآن الكريم يوازي الأكوان:
قال الله تعالى:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ)
[سورة الأنعام الآية: 1]
وقال الله تعالى أيضاً:
(الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ)
[سورة الكهف الآية: 1]
الله عز وجل خلق الأكوان ونورها بالقرآن،
الخلاصة:
أيها الأخوة الكرام، من أوتي القرآن فظن أن أحداً أوتي خير منه فقد حقّر ما عظمه الله، أنت مؤمن، أنت موعود بالجنة، أنت لك الأبد وإن كنت في وضع مالي قليل.
دخل أحد أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام الفقراء جداً فرحب به النبي ترحيباً عجيباً، قال له: أهلاً بمن خبرني به جبريل، قال له: أو مثلي؟ قال له: نعم يا أخي، خامل في الأرض علم في السماء.
فإذا شخص مؤمن مستقيم يعرف الله، يجب أن تعتز بإيمانك، وأن تثق بربك.
والآن الناس إذا شخص ماله حرام شاطر، دبر حاله، أما المؤمن يعتز بإيمانه.
فيا أيها الأخوة الآن هذا القرآن الكريم تفهمه إذا كنت طاهراً، سعدك إذا كنت مستقيماً، أما إذا ما في استقامة لا تنتفع به، والفرق كبير بين فهم آيات الله عز وجل و بين أن يعيشها الإنسان.
أيها الأخوة، ليس شيء أنفع للعبد في معاشه ومعاده وأقرب إلى نجاته من تدبر القرآن الكريم، وإطالة التأمل والتفكر في معانيه، فإن آيات القرآن الكريم تطلع العبد على معالم الخير والشر بحذافيرها، وعلى طرقاتها، وأسبابها، وغاياتها، وثمراتها، ومآل أهلها، وتثبت قواعد الإيمان في قلوبهم، وتشيد بنياناً عظيمة أركانه، وتريح صورة الدنيا والآخرة والجنة والنار في قلبه، وتريه أيام الله عز وجل، وتبصره مواقع العبر، وتشهده عدل الله وفضله وتعرفه ذاته، وأسماءه، وصفاته، وأفعاله، وما يحبه وما يبغضه، وصراطه الموصل إليه، وما لسالكيه بعد الوصول والقدوم عليه، وقواطع الطريق وآفاتها، وتعرفه النفس وصفاتها، ومفسدات الأعمال ومصححاتها، وتعرفه طريق أهل الجنة، وأهل النار وأعمالهم، وأحوالهم وسيماهم، ومراتب أهل السعادة وأهل الشقاوة، وأقسام الخلق واجتماعهم فيما يجتمعون، وافتراقهم فيما يفترقون، وبالجملة تعرفه على الله عز وجل وطريق الوصول إليه، وما له من الكرامة إذا أقبل عليه.
إذاً بالجملة إذا قرأت القرآن الكريم عرفت الواحد الديان، وطريق الوصول إليه، ومالك من كرامة إذا قَدمت عليه، وتُعرفه في مقابل ذلك ما يدعو إليه الشيطان، والطريق الموصلة للشيطان، وما للمستجيب لدعوته من الإهانة والعذاب والخذلان.
والحمد الله رب العالمين
منقول عن: العقيدة – حقائق الإيمان والإعجاز – الدرس (13-30) : كيف تعامل الصحابة الكرام مع القرآن الكريم وكيف يتعامل معه المسلمون اليوم – فوائد الحجامة
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-03-08 | المصدر
العقيدة – حقائق الإيمان والإعجاز – الدرس (14-30) : كيف نفهم القرآن الكريم – التربة وما تحتويه
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2009-03-15 | المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق